حل أمس العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في زيارة رسمية إلى دمشق تدوم يومين هي الأولى من نوعها منذ توليه العرش عام 2005 في خطوة جديدة لتبديد التوتر الذي شاب العلاقات السعودية السورية منذ سنوات.ووصل العاهل السعودي إلى العاصمة دمشق على رأس وفد هام ضم عدة وزراء وكان في استقباله الرئيس السوري بشار الأسد. وتأتي زيارة الملك عبد الله إلى دمشق بعد زيارة مماثلة كان قد أجراها الرئيس السوري الشهر الماضي إلى العاصمة الرياض حيث شارك في احتفالات افتتاح جامعة العلوم والتقنية بالتزامن مع العيد الوطني السعودي. وهو ما اعتبره متتبعون مؤشرا نحو إحداث تقارب بين العاصمتين بعد سنوات من الجفاء من شأنه أن يضع حدا لعدة نزاعات في المنطقة. وحظيت زيارة الملك عبد الله باهتمام الصحف السورية التي أجمعت على أنها فرصة من "شأنها أن تبعث الأمل قويا في إحياء التضامن العربي". وقالت صحيفة الوطن السورية المقربة من الحكومة أن هذه "الزيارة تجري وسط ارتياح إقليمي ودولي، شجع خلال الأسابيع الماضية على هذا التقارب حيث أبدت باريس ارتياحها لتحسن العلاقات بين البلدين بما في ذلك من تأثير على الوضع الإقليمي، كما رحب لبنان ودول خليجية وعربية أخرى بالزيارة". وكانت العلاقات بين البلدين تدهورت بعد غزو القوات الأميركية العراق شهر مارس 2003 بعدما انتقدت دمشق وقوف الرياض إلى جانب الولاياتالمتحدة في حربها على العراق. وساهم اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري شهر فيفري 2005 المقرب من المملكة العربية في زيادة حدة التوتر بين البلدين خاصة بعد توجيه اتهامات لدمشق بضلوعها في عملية الاغتيال وهو الأمر الذي نفته سوريا. ويرى محللون بأن زيارة العاهل السعودي الأولى من نوعها منذ أربع سنوات من توليه العرش إلى سوريا ترمي إلى وضع حد للخلافات بين البلدين وخاصة في ما يتعلق بالملفين الفلسطيني واللبناني بالإضافة إلى العلاقات الاستراتيجية التي تربط سوريا بإيران. وكان أول لقاء مصالحة بين الملك عبد الله حليف الولاياتالمتحدة في المنطقة والرئيس السوري بشار الأسد تم بداية عام 2009 على هامش القمة الاقتصادية العربية التي عقدت في الكويت. كما كان من بوادر تحسن العلاقات بين البلدين تعيين المملكة سفيرا لها في دمشق شهر جويلية الماضي بعد أن بقي هذا المنصب شاغرا لمدة عام. ويأتي هذا التقارب بين البلدين في الوقت الذي غيرت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية مع مجيء إدارة الرئيس باراك اوباما من منطق تعاملها مع سوريا بتبنيها لمقاربة مبنية على أساس التحاور واحترام الآخر وذلك بعدما أدركت واشنطن أنه لا يمكن تجاهل دمشق في أي ترتيبات ممكنة في المنطقة. واقتنع الرئيس الأمريكي بدور سوريا في إيجاد حلول للازمات والصراعات التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها الوضع في العراق ولبنان والصراع الفلسطيني الإسرائيلي. من جهتها علقت الصحف اللبنانية الصادرة أمس آمالا كبيرة على زيارة العاهل السعودي إلى دمشق في تهيئة الأجواء أمام تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وإنهاء الأزمة السياسية التي لا تزال قائمة في لبنان. وعنونت صحيفة السفير المحسوبة على فريق الأقلية النيابية بقيادة حزب الله "كتاب مفتوح إلى الرئيس المكلف سعد الحريري، فلتكن زيارة الملك عبد الله إلى دمشق فرصة لإعلان حكومة الشراكة". ونفس الموقف عبرت عنه صحيفة النهار اللبنانية المقربة من فريق الأغلبية التي اعتبرت أن "لبنان معني أكثر من أي وقت بالمصالحة السعودية-السورية، بالنظر إلى الانعكاسات السلبية التي حصدها نتيجة الخلاف بين دمشقوالرياض وكان آخرها تعثر تشكيل الحكومة". ويراهن عديد المحللين على التقارب السعودي السوري لوضع حد للخلافات بين الفرقاء اللبنانيين والتوجه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية.