اقتحمت الكثير من النساء في السنوات الاخيرة، مجالات كانت بالأمس القريب، حكرا على الرجل فقط، أعمال وأنشطة أقل ما يمكن القول عنها أنها تتطلب جهدا عضليا، من جهة، واحتكاكا بصناعات رجالية، من جهة اخرى، على غرار أعمال البناء والديكور وكل ما يتعلق بإعادة صيانة البيت، مثل الطلاء، وصناعة الخشب، والبناء، والترصيص وغيرها من التفاصيل التي كانت لا تستهوي النساء، إلا أن الواقع تغير اليوم، ليتحول هذا الاهتمام إلى شغف وتحكم في كثير من التقنيات. وبين واقع مفروض على كثير من النساء، وبعد حصول بعضهن على سكنات خاصة، أو لرغبتهن في تغيير ديكور بيوتهن، تحول اهتمام الكثيرات نحو اعمال البناء والتصميم والديكور المنزلي، إذ تحاولن من خلال اذواقهن إعطاء لمستهن الخاصة رغم افتقارهن لتجربة سابقة في المجال، معتمدات في ذلك على المواقع المتخصصة في الديكور وأفكار البناء لصقل بعض المعارف وتنمية مهاراتهن في التصميم. حول هذا الموضوع كان ل"المساء" جولة استطلاعية بين عدد من محلات بيع ادوات ومستلزمات البناء، التي أصبحت من أكثر المحلات استقطابا للزبائن التي تروج سلعها، بفضل الصيغ السكنية التي أقرتها الحكومة وتم في اطار توزيع آلاف السكنات، الى جانب المشاريع الخاصة، التي تزدهر بسرعة هنا وهناك. وقد تخصصت بعض المناطق في بيع مختلف مواد البناء، على غرار الخزف الصحي، البلاط، الطلاء، مستلزمات واكسسوارات مختلفة للغرف والحمامات والمطابخ، في تنافس خلق حركة دؤوبة في هذه المحلات، التي استقطبت إلى جانب الرجال، النساء الباحثات عن ضالتهن وسط عالم كان في وقت ليس بالبعيد حكرا على الرجال. اللمسة الانثوية وراء الجمال الوجهة الأولى كانت إلى بلدية الشراقة، التي تخصص شارع بها في بيع مواد البناء، إذ اصطفت المحلات عارضة أدق وأكبر التفاصيل، الخاصة بعالم البناء والاكسسوارات، بألوان وأحجام وحتى أسعار مختلفة، كثيرا منها تعطي الرغبة في اقتناء عدد منها في سبيل اعادة ديكور البيت واعطائه في كل مرة اللمسة العصرية. اجمع عدد من الباعة في حديثهم ل"المساء"، ان اقتناء مواد البناء لم يعد حكرا على الرجل فقط، بل تعداه إلى النساء، إذ لم تعد وجهتن اسواق الملابس او المأكولات فقط، مثلما جرت عليه العادة، وانما توجهن ايضا نحو محلات بيع مواد البناء حتى الاسمنت منه، وفق ما اكده السيد رابح، صاحب محل بنفس الشارع، والذي قال إنه يتعامل مع الكثير من النساء اللواتي يقصدن محله المتخصص في بيع اكسسوارات الحمام، مشيرا إلى أن سوق مواد البناء أصبح يستقطب النساء من مختلف الاعمار، إذ يقصدن المحلات المتخصصة لاقتناء احتياجاتهن في تجهيز المنازل أو البناء. وقال البائع سمير المتخصص في الاسمنت بأنواعه، انه قبل سنوات كان من النادر أن تجد امرأة تبحث عن اكياس اسمنت وتسأل عن احسن الانواع او عن طريقة الاستعمال او غيرها من الاستفسارات، الا ان الأمر اصبح اليوم طبيعيا، حيث يتعامل الباعة مع الزبونات مثلما يتم التعامل مع الرجال، بحكم أن بعضهن اجبرن على الاعتماد على انفسهن لإعادة ترميم او صيانة او بناء بيوتهن. ولقد اجمعت بعض النسوة، اللواتي تحدثت إليهن "المساء"، على انه اصبح من اللازم ان تتقن المرأة بعض مهام الرجل، لعدة اسباب، من جهة، لتخلي كثير من اصحاب المهن عن مهنهم وكسل بعض الأزواج في مساعدة المرأة في أعمال البيت، ما دفعهن الى الاعتماد على انفسهن واقتناء بعض ادوات المنزل. في حين اكدت اخريات أن حلم الكثيرات هو تزيين المنزل بديكور يوافق اذواقهن الخاصة، وكسر كلاسيكية ما يقوم به الرجل في كل مرة واعطاء بذلك اللمسة الانثوية الفريدة في ديكور البيت، وفق ما اكدته هاجر متزوجة حديثا حيث قالت: "ادخل دائما في نقاش حاد مع زوجي الذي كثيرا ما يصمم بعض ديكورات البيت وفق ذوقه الخاص وبعد مجادلات عديدة، يطلب مني اختيار ما يروق لي لديكور المطبخ وغرفة المعيشة، ما دفعني الى الخروج وقت الاستراحة من العمل، للبحث واختيار ألوان وتصاميم قطع ديكور للاتفاق بعدها على النوع الذي نختاره". من جهتها قالت فاطمة الزهراء، انه بعد حصولها على سكن من صيغة "عدل"، قبل فترة، قررت اعادة ديكور المنزل، وبكل حماس قالت إنها تنتقل من حين لآخر بين تلك المحلات بحثا عن افكار لتصميم منزلها، مضيفة أن الأسواق تعرض انواع كثيرة من تلك المواد، وتتنافس في عرضها. دخول المرأة هذا المجال لتحقيق أحلامها في هذا الصدد قالت "س. كميلة" مهندسة معمارية، "دخلت المرأة هذا المجال من بابه الواسع، ليس محاولة منها اقتحام عالم الرجل، وانما فقط رغبة منها في تحقيق احد احلام كل شخص وهو بناء منزل خاص وفق ذوقه الخاص، وللمرأة احيانا ذوق مختلف عن الرجل"، مؤكدة انها تبدع كثيرا في تلك التفاصيل باختيارها الطابع الهندسي الذي يليق بها، ويمنحها الراحة في بيئتها داخل البيت، واكدت أن مواقع الانترنت وكثير من التطبيقات تساهم بشكل فعال في اعطاء الافكار لإلهام المرأة في ديكور منزها، وهذا امر جميل أن نرى تصاميم داخلية منظمة وجميلة من صنع وايحاء المرأة.