ثوري فذ عايش الشهداء خلال الثورة وساهم في بناء جزائر الاستقلال قاوم الاستعمارالفرنسي وبعد الاستقلال لم تكن لديه أطماع في جزائر الحرية، رحل هكذا دون ضجيج تاركا تاريخا وحقائق تجهلها الجزائر عنه... هو الشيخ "حملاوي مهري" واحد من رجال الموطن والوطن من صلب عائلة شريفة زينتها الوطنية وتقلدت شرف العلم كابرا عن كابر، سي حملاوي من شجرة مباركة يرتفع نسبها إلى (سيدي عطية) من ذرية الحسين رضي الله عنه ومن أسرة عريقة في الكفاح، جده عبد الله شارك في المقاومة الشعبية وفي ثورة الحداد والمقراني. وتروي ابنته "ندى مهري" ل "المساء" في الذكرى ال55 للثورة التحريرية المجيدة، أهم محطات نضال والدها الشيخ حملاوي - في وقفة أردتها مخلدة لذكراه - بدءا من مسقط رأسه بالحروش حيث ولد سنة 1930، وعند بلوغه سن العاشرة كان قد حفظ القرآن على جناب عمه الشيخ أحمد مهري - رحمه الله - ثم أخذه الشيخ المولود مهري - رحمه الله - الى وادي زناتي وأدخله مدرسة التهذيب، وهناك التقى حملاوي وابني عمه عبد الحميد وعبد الرحمن مهري ودرسوا سويا، كما تعرف بالمدرسة على خيرة الرفقاء من بينهم أحمد الهادي وطروش ومحمد الصالح رحال وعبد المجيد كحل الرأس وصالح بوبنيدر. انتقل الى معهد الكتانية - مدرسة الزعماء - كما تسمى ومع صحب من الطلبة الأفذاذ من أمثال الزعيم الراحل هواري بومدين، سي علي كافي ومحمد قديد، بدأت رحلته. وبعد أحداث الثامن ماي 1945 دخلت هذه الثلة من الشباب غمار الحركة الوطنية وانضمت الى حزب الشعب ثم الى حركة انتصار الحريات الديمقراطية... عندها كان سي حملاوي نائب السيد الأخضر بوزيد -رحمه الله - المسؤول الأول عن الحركة في الكتانية حيث أسندت له مهمة مسؤول خلية سياسية وكان من بين أعضائها الرئيس الراحل هواري بومدين. كما رافق محمد قديد في حملة توعية وتنشيط الحركة الوطنية حيث تنقلا بين القرى والمداشر وعملا على تشجيع المواطنين والشباب على الانضمام الى الحركة الوطنية. وكان يعقد الاجتماعات على مستوى تلك المناطق، بالإضافة الى اتصالات سرية مع بعض أعضاء المنظمة السرية نذكر منهم الشهيد زيغود يوسف، ديدوش مراد، عبد الحفيظ بوصوف، وكذا عمار شطايبي، وفي الخارج كانت له اتصالات بتونس مع محمد بومدين وعبد الحميد مهري، هذا الأخير كان يترأس جمعية الطلبة الجزائريين في جامع الزيتونة. وفي أزمة المصاليين والمركزيين عام 1954، انتخب حملاوي مهري ويوسف بوقدوم من طرف المناضلين ليمثلا قسمة الحروش بالحياد. ثم التقى يوسف بن خدة وبن تفتيفة وعبد الحميد مهري ومحمد حربي ودرسوا كيفية التحضير للثورة، والتقى بعدها ديدوش مراد فقيما معا الوضعية وتعرضا بالدراسة للصعوبات التي تعترض تفجير الثورة، وعقد العزم على الدخول في معترك العمل المسلح كما بقى خلال هذه الفترة يدرس اللغة العربية في مدرسة الحزب... درس اللغة العربية لأفراد جيش التحرير الوطني الى أن ألقي عليه القبض عام 1955 ثم أخذ الى سجن المسيلة ومنه نقل الى سجن الشلالة ثم الى معتقل بوسيه، حيث التقى ببعض الرفاق المجاهدين والمناضلين، من بينهم الشهيد عيسات إيدير وأحمد عروة وبشير بومعزة. وفي السجن أصيب بمرض في رئتيه فأخرج من السجن وأدخل مستشفى قسنطينة وبقي على اتصال بالعمل السياسي وبالنضال الثوري مع قيادة الولاية الثانية الى غاية عام 1960، سافر للعلاج الى فرنسا وهناك اتصل بفدرالية جبهة التحرير الوطني، فعين كرئيس مجلس الطاعة لجبهة التحرير الوطني بفرنسا، وكان يرسل كل شهر تقريرا الى قيادة الولاية الثانية. وفي سنة 1961رجع حملاوي مهري الى الحروش وتزوج، ثم عينه العقيد صالح بوبنيدر قاضيا على بلدة الحروش بمساعدة الأخضر بوزيد وحسن رمضاني، وبعد الاستقلال في 1962 اصبح عضوا في بلدية الحروش ثم نائب رئيس بلدية وفي عام 1975 شغل منصب رئيس بلدية الحروش وعضوا في المجلس الولائي من سنة 1967 الى غاية 1974 . وفي عام 1977 استقال من النشاط السياسي وعاد الى التعليم ليواصل رسالته الى أن تقاعد سنة 1990، ووافته المنية يوم 3 أفريل 1993، بعدما أصيب بمرض ألزمه الفراش، فالتحق بالرفيق الأعلى بعد حياة من النضال والعمل والإخلاص، أسكنه الله فسيح جنانه ورحمه الله.