استضافت الندوة الثقافية التي نظمت أول أمس، على هامش فعاليات الصالون الدولي للكتاب المفكر العربي المعروف علي حرب الذي تحدث عن تجربته مع الكتابة والنقد خاصة في مجال الحداثة ليفتح هجوما عنيفا على نخبة الحداثيين العرب الذين اعتبرهم فاشلين بقوا على هامش التغيير والتسارع الذي تعرفه مجتمعاتهم. الدكتور حرب معروف عند جمهور المختصين العرب في النقد والفلسفة، وهو يحاول تفكيك بنية التخلف العربي ويحاول أيضا صناعة قاموس جديد لدراسة هذا الواقع، وكذا نقد بعض مشاريع الحداثية وبعض المثقفين الحداثيين الذين يعيشون -حسبه- مأزقا حقيقيا ليصفهم بالأصنام وبمعسكرات التخلف. ألف هذا المفكر العديد من الكتب منها »هموم النخبة« و»تواطؤ الأضداد« و»مأزق الفكر الحداثي العربي«. أكد المحاضر أن الفكر ميزة الانسان عامة وليس حكرا على طبقة معينة، مشيرا الى أن وطن المفكر والمؤلف هو البلد الذي يقرأ له ويجادل أفكاره أكثر من وطنه الأصلي (علما أنه لبناني يزور الجزائر لثاني مرة). قال الدكتور حرب أن أزمة الحداثة في العالم العربي يصنعها الحداثيون العرب الذين أصبحوا يعيشون على هامش الواقع، مضيفا أن زمن الحداثة ولى وأصبح لكل واحد موقعه في هذه الحداثة دون ان يكون منظرا أومناضلا باسمها، فلم يعد للداعية أوالفيلسوف أوالسياسي المنظر الذي يوجه المجتمع بشكل أعمى أوميكانيكي دوره الآن، لقد أصبح لكل فرد الحق في تناول الحداثة من واقع اختصاصه. رأى المحاضر أن العوائق في ظاهرة الحداثة مصدرها عدة التفكير وشيكات الفهم وبالتالي فإن المشكل انفجر من الداخل أي من القوالب المتحجرة والعتمة في الفكر، إن الكتلة الحداثية العربية - حسبه- فقدت المصداقية وأعطت رد فعل عكسي ليصبح الحداثيون على الهامش من مجتمعاتهم، هذه الأخيرة التي تغيرت بشكل مخالف لما تصوره هؤلاء والسبب هو أنهم لم يحدثوا أفكارهم عكس مجتمعاتهم التي تغيرت بسرعة دون أفكار أوتنظير وبالتالي على هؤلاء وعلى المثقفين العرب ان يعترفوا بخسارتهم. من جهة أخرى، ثمن المحاضر الدكتور علي حرب أهمية النقد الذي يفيد في مراجعة الأفكار بشكل بناء وعلى ضرورة تشريح الآفات وإلا سادت الخرافة والفساد وأحادية القطب وسيطرة الزعيم كما هو حالنا ولا تكون النتيجة إلا فقرا معرفيا وهزالا فكريا. أكد المحاضر على أطروحته المتمثلة في أن »الواقع المعقد يحتاج الى فكر مركب« بمعنى أن الواقع يحتاج إلى آليات وأفكار عديدة لتشريحه وقراءته. أشار ايضا الى أن العالم والمفكر لا ينبغي له ان يكون مناضلا وإلا سيقتل هذا العالم العمل العلمي بداخله. وصف المحاضر التفكير الحداثي العربي بالخطير بعد أن أصبح الحداثي العربي ديناصورا فكريا يتصور تقدم مجتمعاتنا على صورة تقدم المجتمعات الغربية في عهود ولت منذ 3 قرون. أما الأصوليون العرب فإنهم -حسبه- مقلدون لمشاريع جاهزة أبدعها أجدادهم في الماضي وأجتهدوا في انجازها عكسهم تماما. لقد ساد العطل في الثقافة والدين والقومية وسادت ثقافة الاحادية العدوانية، وساد الشعار والقضية والزعيم والنص، وغاب الاعتراف بالمساحة العمومية والإبتعاد عن التحتى والتواضع في زمن لا يملك أحد مفاتيح الحلول حتى في الغرب وبالتالي فلا أحد -حسب علي حرب- وصي على الحقيقة والحرية والعدالة.