صدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت كتاب "العمارة الإسلامية ..سجالات في الحداثة" للدكتورعلي ثويني، الذي طرح فيه إشكالية مفهوم وسياقات الحداثة في العالم الإسلامي وانعاساتها في العمارة حصرا كونها الصورة الأكثر جلاء للثقافات وسجل يدون ميراث الدهور ويحفظ أثر ارتقاء الحس الحضاري والجمالي للبشر، وتناول البحث شجون وجذور الظاهرة الحداثية أو مساعي التحديث التي نشأت أساسا في الغرب. وأنتقل صداها إلى العالم الإسلامي دون أن تنبع من حراك محلي مؤداه توق وحاجة ومشروع. والبحث يتعلق بمفاهيم التراث والحداثة المعمارية، الذي عانى من التهميش في صلب الثقافة العربية بالرغم من أهميته المزدوجة في كونه عاكسا لحراك الوعي من جهة ومحرك للوعي الإجتماعي من جهة أخرى، ناهيكم عما يخصنا بأننا شعوب مشهود لها بالإبداع المعماري الذي شكل وباعتداد الأساس لعمائر الدنيا، وبذلك فإن طرق موضوع العمارة في سياق الثقافة العام يضطلع بأهمية تحاشتها وأستهانت بها النخب على العموم. يتضمن الكتاب شرح لأصول المفاهيم وطرق لسياقات تتعلق بمقدمات عامة عن مفاهيم الحداثة في الثقافة عموما وفي العمارة حصرا والربط بينهما، ثم يعرج على تيارات الحداثة وماتلاها حتى وطأت تيار التفكيكية الذي هو في طريقه للأفول اليوم، وغير الجانب النظري للموضوع كما تطرق الباحث في الجانب العملي عن الإلهام في عمائر الحداثة، ثم ضرب المثل على عدة ممارسات عملية أو تنظيرية تخص ملموس وممارسة العمارة والثقافة المعمارية، ثم الفحوى التي توج بها البحث وعنوانه "نقد الحداثة المعمارية"، كون الحداثة تمر بأزمة لدى أصحابها الغربيين، وبذلك مكثت الثقافة العربية قابعة في هامش ردود الفعل، ولا تتجشم الخوض في الفعل والمبادرة، بسبب طبيعة الأنظمة وهامش الحريات. لذا يجدر تقليب المفاهيم وطرح الأفكار بتجلي ودون تجن على أحد أو محاباة لآخر. كون ما تعانيه جل الشعوب اليوم من ضياع أساسه قيمي، وفي خضم إنبهارنا وتهافتنا الحداثي المادي ، تناست الجموع أن تراث الشعوب الإسلامية يرتع بثراء الروح وسياقات طرق الصدق والمكارم التي تمكث مفتاح كل مشروع تجديد وتحديث ونهضة . كما سعى الباحث في كتابه إيصال فكرة يمكن أن تشكل حافزا يحث على سجال ويؤسس لقاعدة عمل مشترك ومن ثم يكون محفزا لمشروع تنويري يشمل شجون الفكر، وتكون العمارة إحدى إحداثياته ودالاته الفاعلة.