أجمعت الصحف الاسبانية الصادرة أمس على التأكيد أن الحكومة الاسبانية تلقت صفعة قوية من نظيرتها المغربية التي رفضت في آخر لحظة السماح لطائرة اسبانية كانت تقل المناضلة الصحراوية اميناتو حيدر بالهبوط على أرضية مطار العيونالمحتلة رغم أنها أعطت موافقتها المبدئية على ذلك. ورشّح متتبعون أن يؤدي الموقف المغربي الذي وصفته الخارجية الاسبانية ب "المفاجئ وغير المفهوم" إلى قبضة دبلوماسية جديدة قد تعكر من جديد أجواء العلاقات بين البلدين على خلفية كيفية التعاطي مع قضية الحقوقية الصحراوية المضربة عن الطعام في مطار لانزاروتي الاسباني. وانقلبت السلطات المغربية على موقفها ساعات فقط بعد إعطائها ضمانات رسمية لنظيرتها الاسبانية بالسماح للحقوقية الصحراوية بالعودة إلى مسقط رأسها وهو ما أثار استغراب مدريد التي لم تفهم سر الانقلاب المغربي. وكانت مصادر الخارجية الاسبانية أكدت أن نظيرتها المغربية أعطتها موافقتها لاستقبال الطائرة المجهزة طبيا لنقل اميناتو حيدر إلى عاصمة الصحراء الغربيةالمحتلة قبل أن تتلقى ردا بالرفض لحظات قبل إقلاعها من أرضية لانزاروتي في جزر الكناري. وحسب الخارجية الاسبانية، فإن الاتفاق نص على مرافقة مدير ديوان وزير الخارجية الاسباني أغوستين سانتوس الناشطة الحقوقية أميناتو حيدر في رحلتها باتجاه مطار العيون رفقة طبيبها الخاص، حيث استقل الجميع الطائرة استعدادا للإقلاع قبل أن يفاجأوا برفض مغربي صريح لهذه الرحلة. وفي رد على هذا التنصل من مسؤولياتها رمت الرباط بمسؤولية ما حدث على مدريد وعبرت عن "استغرابها بخصوص المعلومات المتأتية من مدريد" بدعوى أن الموقف المغربي "لم يتغير بخصوص قضية اميناتو حيدر ولن يتغير مادامت المناضلة الصحراوية هي التي تخلت عن جنسيتها وهويتها" يوم نزولها في مطار العيون يوم 13 نوفمبر الماضي. وهو ما نفاه اوغستين سانتوس الذي اكد أنه تحصل على ترخيص مغربي للتوجه إلى مطار العيون وهو ما دفع به إلى ركوب الطائرة. وأضاف سانتوس أن برج المراقبة لمطار العيون "أكد لنا أننا لا نحوز على مخطط للتحليق يتعين الحصول عليه أربعا وعشرين ساعة من السلطات المغربية قبل إتمام الرحلة ورغم إلحاحنا فقد رفض طلبنا. يذكر أن حيدر أوقفت إضرابها بعد أن حصلت على تطمينات اسبانية بالعودة إلى مسقط رأسها ولكنها عادت واستأنفته بعد تأكد رفض السلطات المغربية عودتها إلى ذويها. وقال ممثل جبهة البوليزاريو في العاصمة الاسبانية أمحمد جداد أن موقف الرباط يعد صفعة قوية باتجاه الحكومة الاشتراكية الاسبانية وأكد أن الموقف المغربي المتقلب يستدعي موقفا أكثر حزما من مدريد للتعامل مع هذا الموقف. وأمام الرفض المغربي ومواصلة انتهاكاته لحقوق الإنسان طالب رئيس الحزب الشيوعي الاسباني خوسي لويس سانتيليا بإلغاء الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي احتجاجا على هذه الانتهاكات عشية اجتماع بين الطرفين يوم غد بالعاصمة الأوروبية بروكسل. ولم تفوت الصحف الاسبانية بمختلف توجهاتها هذه الحادثة وأجمعت على التأكيد أن المغرب وجه صفعة قوية لمدريد وأن الرباط تهكمت على ذقن الحكومة الاسبانية وتلاعبت بها كما شاءت. واعتبرت موقف الرباط المفاجئ بمثابة صد علني للحكومة الاسبانية وتحديا لها في وقت تشهد فيه علاقات البلدين توترا غير معلن بخصوص العديد من القضايا الثنائية وخاصة منذ زيارة الملك خوان كارلوس إلى مدينة مليلية المغربية المحتلة سنة 2007 وإقدام القوات الاسبانية على طرد جنود مغربيين من جزر ليلى في عرض المياه الاقليمية المغربية سنة 2002. وهو ما اكدت عليه صحيفة "أي بي سي" المحافظة في مقال مطول تحت عنوان "المغرب يشدد القبضة مع اسبانيا" اشارت فيه إلى التحدي الواضح الذي تريد الرباط تمريره على اسبانيا عبر الحقوقية الصحراوية اميناتو حيدر. وهو التحدي الذي جعل صحيفة "البايس" اليمينية تطالب من حكومة رودرغيث ثباتيرو برد صارم على المغرب وذهبت إلى حد مطالبة الحكومة الاشتراكية باستدعاء السفير الاسباني في الرباط للتشاور رغم محاولة السلطات الرسمية التقليل من أهمية ما وقع أول أمس ورغم أن المغرب تعامل مع الوضع كجار معادٍ. وقال كارميلو راميريز عضو الفيدرالية الاسبانية للتضامن مع الشعب الصحراوي أن مدريد أمام مهزلة مغربية جديدة ولا تمس فقط شخص اميناتو حيدر ولكن الحكومة الاسبانية بشكل خاص.