تفطنت الحكومة الاسبانية أخيرا أنها وقعت في فخ السلطات المغربية التي منحتها "قنبلة" المناضلة الحقوقية الصحراوية اميناتو حيدر بعد أن تخلصت منها بإرسالها إلى جزر الكناري وهي الآن تحاول فك فتيلها قبل انفجارها في أوساط المنظمات الحقوقية العالمية التي حملت مدريد كل المسؤولية على صحة من أصبحت تلقب ب "غاندي" الصحراء الغربية. فبعد أسبوعين من الممطالة واللعب على أعصاب المناضلة الصحراوية المضربة عن الطعام في بهو مطار لانزروتي في جزر الكناري طالبت الحكومة الاشتراكية الاسبانية أمس من نظيرتها المغربية تمكينها من جواز سفرها الذي سلب منها عنوة في مطار الدارالبيضاء المغربي وإعادتها من حيث أتت بإرجاعها على متن نفس الطائرة التي أقلتها من إسبانيا. ولم تجد مدريد من وسيلة أخرى للخروج من هذا المأزق سوى مطالبة الرباط بإعادة جواز سفر الحقوقية الصحراوية بعد أن جربت كل الطرق الأخرى لإغرائها بمنحها حق اللجوء السياسي تارة وهو ما رفضته حيدر وأصرت على الذهاب إلى العيون للعيش وسط أسرتها وشعبها وتارة أخرى محاولة إغوائها بمنحها الجنسية الاسبانية وهو العرض الذي لاقى نفس موقف الرفض. وتكون اميناتو حيدر من خلال تمسكها بموقفها وإصرارها على مواصلة إضرابها عن الطعام قد أخلطت حسابات الرباطومدريد في كتم صوتها وكفها عن المطالبة باستقلال شعبها وتمسكها بقضية تحرير شعبها من الاستعمار المغربي. ولم يجد وزير الخارجية الاسباني ميغل انخيل موراتينوس الذي صم أذنيه أمام النداءات الملحة لنشطاء حقوق الإنسان الدوليين من وسيلة أخرى لإخراج بلاده من هذا المأزق "الدبلوماسي الحقوقي" سوى مطالبة الحكومة المغربية منح المناضلة الصحراوية جواز سفرها وتمكينها من الذهاب إلى بلدها المحتل. والمؤكد أن الرباط سوف لن تقول "لا" لمثل هذا الطلب ليس حبا في اميناتو حيدر ولكن إرضاء لدولة منحتها فرصة احتلال ونهب خيرات شعب آخر ووقفت إلى جانبها في كل مواقفها الرافضة لاستقلال الصحراء الغربية. وتكون مدريد من خلال هذه "الخطوة المنفذ" للخروج من حالة الانسداد التي وقعت فيها دون تقدير لعواقب مثل هذا الموقف قد رمت بالكرة في معسكر الحكومة المغربية التي طردت المناضلة الصحراوية بتواطئ مفضوح من مدريد ستجد نفسها هي الأخرى في حرج كبير في كيفية التعاطي مع هذا الموقف الطارئ وخاصة وأن اميناتو حيدر تصر على مواصلة إضرابها إن لم يسمح لها بالعودة إلى مدينة العيون عاصمة الصحراء الغربيةالمحتلة. وخطورة الموقف بالنسبة للحكومتين الاسبانية والمغربية أن صحة المناضلة الحقوقية الصحراوية ما انفكت تتدهور بعد سبعة عشر يوما منذ دخولها في إضراب مفتوح عن الطعام وحالتها لم تعد تحتمل الانتظار في وقت كثفت المنظمات الحقوقية العالمية من ضغوطاتها على حكوماتها من اجل إنقاذ حياة هذه المناضلة التي لم تعرف في حياتها إلا التنقل بين السجون المغربية المرعبة وجلسات التعذيب التي تعرضت لها لأنها قالت كلمة حق أمام ملك مستعمر. ومن يدري فقط تتصلب الرباط في موقفها وقد يؤدي ذلك إلى نشوب أزمة دبلوماسية بينها وبين مدريد ليتأكد أن نضال الحقوقيين الصحراويين من داخل الأرض المحتلة سيأتي بنتائجه لا محالة في توسيع دائرة المتعاطفين مع قضية شعب يعيش تحت الاحتلال منذ 35 عاما.