أحيا سكان قطاع غزة أمس وسط أجواء من الحزن والمعاناة المتواصلة الذكرى الأولى لمجازر الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين من الأطفال والنساء والشيوخ استعاد خلالها من كتبت لهم الحياة المشاهد المرعبة التي عايشوا أطوارها طيلة ثلاثة أسابيع بأيامها ولياليها. وعاد شهداء المجزرة إلى المخيلة الجماعية لكل الفلسطينيين وذويهم على وجه خاص، فمنهم من تذكر أخا ومن هم من استعاد طيف أمه وأبيه بل صور عائلات بأكملها خطفتها قنبلة أو قذيفة مدفعية طمرت تحت أنقاض منازلها ولم تبق إلا أطلالها التي أبت الزوال لتكون شاهدة على بشاعة الجرم الإسرائيلي. ووسط تلك المسحة الحزينة تعالت أصوات الصافرات في كل حي وشارع لتخليد تلك الذكرى الأليمة كانت كافية ليستعيد كل منهم صورة ذويهم أو عزيز غدرت بها قنبلة أو شظية قذيفة أو رصاصة جندي عنصري حاقد. ودقت الصافرات متزامنة في حدود الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة بتوقيت فلسطين وهي اللحظة التي بدأ فيها الطيران الحربي الإسرائيلي أولى عمليات القنبلة الهمجية ضد كل شيء يتحرك وكل شيء قائم، مهمته تدمير كل شيء بدعوى الانتقام لعمليات المقاومة وإطلاق صواريخ القسام ضد الأهداف الإسرائيلية في جنوبفلسطينالمحتلة. وارتأى الفلسطينيون أن يقيموا هذه التظاهرات طيلة 22 يوما بنفس عدد الأيام التي استغرقها العدوان الإسرائيلي الذي بدأ يوم 27 ديسمبر ولم يتوقف إلا في يوم 18 جانفي من العام الماضي. وينتظر أن تشهد هذه الأيام تنظيم تظاهرات يومية وصور تلك المجازر وشهادات من بقي على قيد الحياة وصور المجزرة وجثث الشهداء وأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ وحتى الحيوانات التي لم تتوان قوة الدمار الإسرائيلية على استهدافها لقطع أرزاق الناس هناك. وأرادها الفلسطينيون مناسبة ليستعيد العالم تلك الصور المرعبة وليتأكد الكل أن لاشيء أعيد بناؤه رغم الوعود الكاذبة التي تلقاها الفلسطينيون لمحو أثار تلك الجريمة التي تأبى الزوال من الذاكرة والشوارع. ويتذكر الفلسطينيون اليوم الأول من تلك المجزرة عندما استهدفت مقار مختلف الأجهزة الأمنية الفلسطينية والتي خلفت استشهاد 225 فلسطينيا في أدمى يوم يعرفه الفلسطينيون وكانت الصور التي نقلتها مختلف القنوات التلفزيونية العالمية على المباشر أكبر دليل على همجية فاقت في بشاعتها همجية النازية الهتلرية التي جعلها اليهود ذريعة لابتزاز العالم ولاقتراف أكبر جرائمهم ضد العرب والفلسطينيين. ورغم مرور عام كامل على تلك المحنة التي امتزجت فيها دماء الأبرياء وأشلاء جثثهم فإن الجريمة تأبى أن تنمحي بل إن أرواح شهدائها ال1450 عادت أمس إلى مسرح الجريمة لزرع روح متجددة لمحاربة الاحتلال والصهيونية.