دعا الخبراء والمختصون التقنيون في مجال المالية وبرامج التمويل على مستوى المؤسسات المالية العمومية والخاصة إلى ضرورة إنشاء صناديق للاستثمار على مستوى ولايات الوطن، قصد توسيع سياسات البنوك التمويلية المخصّصة للمشاريع الكبرى المدرجة في إطار البرنامج الخماسي المسطّر. .كما أوضح هؤلاء الخبراء خلال مشاركتهم في ملتقى تمويل المشاريع تحت عنوان "استراتيجية تمويل المشاريع الكبرى للاستثمار" الذي نظم أمس بنزل "الأوراسي" بالعاصمة أن إنشاء مثل هذه الصناديق من شأنه المساهمة في عمليات التمويل بشتى الصيغ لمختلف المشاريع السارية في طريق الانجاز والمبرمجة لاحقا، اضافة الى تدعيم نشاطات البنوك وجعلها في خدمة الاستثمار المحلي، وهذا بتفعيل دور كافة المرافقين والشركاء الاقتصاديين في هذا المجال. وفي هذا الاطار، أكد المدير العام للصندوق الوطني للتجهيز من أجل التنمية على مستوى الوزارة السيد شيعلي فاروق في هذا الملتقى التقني الذي يدوم يومين على مواصلة استراتيجية التمويل التي شرعت فيها الحكومة تجاه المشاريع الكبرى المقررة في مختلف القطاعات الحيوية كالصناعات الكبرى، الطرقات السريعة، الموانئ، أشغال البناء، النقل بالسكك الحديدية،... وغيرها. كما دعا السيد شيعلي إلى ضرورة مراعاة التمويل الملائم مع حجم هذه المشاريع وآجال الانتهاء من انجازها، موضحا أن التمويلات الكلاسيكية المدعمة من طرف الدولة ستتجه شيئا فشيئا إلى التجديد والعصرنة من خلال تحويل البنوك إلى شريك فعال في معادلة مرافقة المشاريع الاستراتيجية للبلاد. معتبرا أن كسب هذا التحدي يتوقف على تفعيل كل المعنيين بهذا الاجراء المالي، بالنظر الى ضخامة الميزانية المرصودة لمثل هذه المشاريع. ومن جهته، أكد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات السيد رضا حمياني أن هذا الملتقى يندرج في إطار وضع الاستراتيجيات الأولية الخاصة بتمويل المشاريع الكبرى على مستوى الوطن، بالشكل الذي يسمح بدفع عجلة التنمية الاقتصادية، لاسيما وأن هذه المشاريع تبقى ممولة من طرف الخزينة العمومية للدولة. وأضاف السيد حمياني أن هذا المسعى كفيل بضمان هذه الورشات الكبرى على مستوى الأسواق المحلية، وهو ما اعتبره شيئا مهما يعكس مدى اهتمام السلطات العليا في البلاد بالاستثمار في هذا المجال. كما قال رئيس منتدى رؤساء المؤسسات أن الشركات الاقتصادية الجزائرية قد أثبتت بدورها اهتمامها الكبير بتطوير جوانب التنمية المحلية في الجزائر، مشددا على ضرورة تمكين هذه الأخيرة من فرص الاستثمار الوطني من خلال الاستفادة من الخبرات الأجنبية لاسيما فيما يخص نقل الخبرات والمعارف. ونوه المسؤول بالسياسة التمويلية التي بادرت بها بعض الهيئات المالية في الجزائر، والتي أعطت، حسبه، نموا معتبرا منذ سنة 2004 بفضل المدخرات العمومية المسجلة خارج المحروقات، إلا أنها تبقى غير كافية، حسبه، مقارنة بالتسهيلات التي تقدمها الحكومة في هذا المجال. ومن جهة أخرى؛ أشار السيد حمياني الى ضرورة التحكم في "مناجمنت المشاريع" وتسيير انجاز المنشآت الكبرى، داعيا الى تدارك النقص الموجود في هذا المجال وبالتحديد غياب معاهد وجامعات تضطلع بالتكوين في هذا النوع من التسيير حتى يكون التحكم أكثر في هذه المشاريع. وفي سياق آخر، استعرض الرئيس المدير العام لبنك الجزائر الخارجي السيد محمد لوكال خبرة البنك في مسيرة تمويل المشاريع الكبرى التي عرفتها الجزائر، حيث استطاعت هذه المؤسسة المالية التكيف مع اجراءات سياسة التمويل التي بادرت بها الحكومة لفائدة الانجازات الاستراتيجية على غرار الطرق الكلاسيكية أو ما يسمى"بالليزينغ". وقد ساهم بنك الجزائر الخارجي منذ سنة 2005 في تمويل عدة مشاريع استراتيجية تخص تمويل انجاز 3 محطات تحلية مياه البحر، اضافة الى تمويل 3 محطات كهربائية بحاسي الرمل، ومصنعين للأمونياك وذلك بمبلغ تمويل قدر ب 539.5 مليار دينار. كما تقدر القروض التي ساهم فيها البنك الخارجي ب398.4 مليار دينار، أي بنسبة تمويل تصل حدود 28 بالمائة فيما يخص الاستثمار. وأبرز السيد لوكال التنسيق الكبير بين المؤسسات البنكية العمومية من خلال تكوين أقطاب تمويل ما يسمح بتحديد السياسة التمويلية لكل بنك بما يتلاءم وحجم المشروع المخصص للدعم المالي. وللاشارة، فقد حضر الملتقى مختلف التقنيين ورؤساء الهيئات المالية، اضافة الى ممثلين عن سفارة سويسرا بالجزائر وإطارات سامية من البنوك العمومية بالجزائر، وكذا طلبة عن كلية الاقتصاد ومتربصين بالمؤسسات البنكية المختلفة.