وجدت السلطات اليمنية نفسها منذ أسابيع مضطرة لفتح جبهة حرب جديدة لكن هذه المرة ضد عناصر تنظيم القاعدة التي تتخذ من محافظات شرق البلاد معقلا لها وجعلتها تتحول إلى نقطة استقطاب أمنية جديدة في العالم وخاصة بعد المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة أمريكية عشية أعياد الميلاد كانت تضمن رحلة جوية بين مطاري امستردام الهولندي وديترويت الأمريكي. وفتحت السلطات اليمنية باب المواجهة المعلن ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في ظل استمرار الضغوط الغربية بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية لتطهير هذه المنطقة من الإرهاب الذي ترى فيه واشنطن تهديدا لمصالحها بدءا من الجزيرة العربية ووصولا إلى منطقة القرن الإفريقي. وفي هذا السياق أكد مصدر أمنى يمني أن الحرب التي تشنها الأجهزة الأمنية ضد عناصر تنظيم القاعدة تبقى حربا مفتوحة أينما وجدت تلك العناصر وفي أية منطقة كانت. وقال أن اليمن مصممة على تطهير أراضيها من عناصر القاعدة وان العمليات ستتواصل بصورة مكثفة ولن يترك المجال لمقاتلي هذا التنظيم لالتقاط أنفاسهم. وحذر المصدر المواطنين من التستر على أي من عناصر تنظيم القاعدة داعيا إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن كل مشتبه فيه. وكانت وزارة الداخلية اليمنية أعلنت الأربعاء الأخير عن مصرع عبد الله المحضار أحد كبار قيادات تنظيم القاعدة في اليمن اثر اشتباكات مع قوات الأمن. وكان المحضار يسمى أمير ولاية شبوة حيث وفر ملجأ في جبال ميفعة لتدريب عناصر تابعة لتنظيم القاعدة ووجدت الأجهزة الأمنية في منزله عددا من قطع الأسلحة المتنوعة وقنابل إضافة إلى ملابس وأدوات تستخدم للتمويه. وكانت السلطات اليمنية تراجعت عن دعوتها عناصر تنظيم القاعدة للتحاور وقالت أن الدعوة موجهة فقط إلى العناصر التائبة في هذا التنظيم المسلح مشددة على عزمها تطهير البلاد من كل هؤلاء الذين جعل اليمن في واجهة الأحداث الدولية. ويرى خبراء ومحللون انه إذا كان اليمن قد وجد نفسه في الواجهة منذ محاولة التفجير الفاشلة التي تعرضت لها طائرة أميركية يوم 24 ديسمبر الماضي فإن هذا الأمر لا يعني إطلاقا أن القاعدة حديثة العهد في هذا البلد. وارجع هؤلاء الأحداث التي شهدها اليمن مؤخرا إلى إعادة الهيكلة التي خضع لها التنظيم والى تعزيز صفوفه بمتطوعين جاؤوا خصوصا من باكستان والسعودية حيث ضيقت السلطات الخناق عليهم هناك. وقال خبير الجماعات المسلحة اليمني سعيد الجمهي "علينا ألا ننسى أبدا أن للقاعدة جذورا في اليمن حيث شكل هذا البلد ملجأ مؤقتا أحيانا لآلاف المقاتلين العرب الذين عادوا منتصرين من الجهاد ضد الجيش الأحمر السوفياتي في أفغانستان ثمانينات القرن الماضي". وأضاف انه خلافا لدولهم الأصلية التي كانت تخشى أنشطتهم فقد استقبل هؤلاء المقاتلون في اليمن استقبال الأبطال، في حين انخرط البعض منهم في صفوف قوات الأمن اليمنية. وذكر المحلل السياسي اليمني بأول هجوم للقاعدة في اليمن عام 1992 الذي استهدف بارجة "يو أس أس كول " الأمريكية عندما كانت راسية بمرفأ عدن جنوب البلاد. غير أن الوضعية في اليمن قد تزداد خطورة في حال تعرضها لاحتلال أجنبي بقيادة الولاياتالمتحدة بدعوى مكافحة الإرهاب وخاصة بعد أن جدد الزعيم الإسلامي عبد المجيد الزنداني احد الزعماء الإسلاميين اليمنيين دعوته إلى الجهاد للدفاع عن اليمن في حالة تعرضه إلى هجوم أو غزو أجنبي. وجاءت دعوة الشيخ الزنداني إلى الجهاد انطلاقا من فتوى لعلماء يمنيين تقضي بضرورة الدفاع عن البلد في حال تعرضه لأي احتلال. وقال في خطبة صلاة الجمعة أمام المئات من المصلين "انه واجب ديني مفروض من عند الله" وأضاف إن "هذا أمر الله ولا يمكن لأحد إلغاءه سواء ملكا كان أو رئيسا أو عالم دين". وكان علماء الدين اليمنيون هددوا أول أمس بإعلان الجهاد في حالة أي تدخل عسكري أجنبي حيث رفضوا أي تعاون عسكري مع واشنطن.