أعطى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس تلميحات باحتمال قيام إدارته بتدخل عسكري في اليمن وقال انه خيار يبقى مطروحا رغم نفيه إرسال قوات عسكرية إلى هذا البلد أو إلى الصومال في الوقت الراهن. وبقي الرئيس الأمريكي مترددا في كيفية التعاطي مع الوضع في هذين البلدين ففي وقت أكد فيه انه لا ينوي إرسال قوات عسكرية إلى اليمن أو الصومال فإنه عاد وقال "لا أستبعد أبدا أية إمكانية في هذا العالم المعقد"، في إشارة ضمنية إلى أن الولاياتالمتحدة قد تعيد تكرار تجربة العراق وأفغانستان في اليمن بمبرر محاربة الإرهاب الورقة التي ترفعها واشنطن في كل مرة تجد أن مصالحها مهددة في منطقة ما. وشدد الرئيس الأمريكي بالمقابل على نيته التعاون مع شركاء واشنطن في المناطق التي تسودها الفوضى حول العالم لضمان أمن الشعب الأمريكي. وقال "إنه تأكد خلال العام الماضي تنامي الخطر الذي يشكله تنظيم القاعدة في اليمن، ولذلك فإن بلاده سعت منذ ذلك الحين من اجل تشكيل شراكة مع الحكومة اليمنية لملاحقة خلايا التنظيم فوق الأراضي اليمنية ومعسكرات التدريب التابعة له". وأضاف "أن الأمر ذاته ينطبق على الصومال حيث توجد مناطق واسعة من ذلك البلد خارج نطاق سيطرة قوات الحكومة الانتقالية مما ساهم في استغلال تنظيم القاعدة لذلك الوضع". ثم أن الرئيس اوباما الذي وضع اليمن على قائمة أولوياته الخارجية بعد حادثة المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة أمريكية تبناها فرع تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية الذي يتخذ من اليمن معقلا له اعتبر أن القاعدة في هذا البلد أصبحت أكثر خطورة وهو ما يستدعي بحسب المنطق الأمريكي تدخلا عسكريا لتنظيفه وتطهيره. وحتى يؤكد الرئيس الأمريكي نيته في عدم إرسال قوات عسكرية إلى اليمن فقد اعتبر أن المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان تبقى تشكل المركز الرئيسي للقاعدة كون المكان يضم قادتها وحلفاءها. وجاءت تصريحات الرئيس الأمريكي بعد رواج معلومات عن وجود خطة أمريكية لإرسال قوات عسكرية إلى اليمن للقيام بمهمة ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة بما يؤكد بأن هذا البلد سيكون بؤرة صراع جديدة بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية. وعاد الحديث بقوة هذه الأيام عن تنظيم القاعدة في وسائل الإعلام الدولية مباشرة بعد المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة أمريكية عشية الاحتفالات بأعياد رأس السنة كان منفذها رعية نيجيري تدرب في معسكرات تنظيم القاعدة في اليمن. وتقاطعت تصريحات المسؤولين الأمريكيين في هذا السياق حيث قال الجنرال ديفيد بتريوس قائد القيادة العسكرية المركزية الأمريكية في العراق وأفغانستان أن الجيش الأمريكي لا يعتزم نشر قوات برية في اليمن التي ينشط فيها تنظيم القاعدة بشكل كبير وأصبح يمثل تهديدا كبيرا لكنه بالمقابل اعترف ان واشنطن قررت مضاعفة مساعداتها الاقتصادية لصالح اليمن خلال العام الجاري بما لا يقل عن 150 مليون دولار. من جانبه أقرّ الأميرال ميشال مولن رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي بأن الولاياتالمتحدة تمول بعض جهود اليمن في القضاء على عناصر تنظيم القاعدة الناشطة في البلاد لكنه أكد أن هذه العمليات تتم تحت قيادة عسكرية يمنية. ووسط التأكيدات الأمريكية بعدم وجود نية لتدخل عسكري في اليمن اعتبر الشيخ عبد المجيد الزنداني أحد الزعماء الإسلاميين الذين تشتبه واشنطن في انه من بين الداعمين للإرهاب أن أي تدخل عسكري أمريكي في اليمن بحجة محاربة القاعدة يشكل احتلالا لبلاده. وقال الزنداني في تصريح أمس "نرفض الاحتلال الأمريكي لبلدنا ولن نقبل أن نصبح محتلين من جديد"، وأضاف أن "التجنيد القوي للقوات الأمريكية وحلف الناتو بالقرب من شواطئنا تحت ذريعة مكافحة القرصنة البحرية غير متكافئ"، مشيرا إلى أن هذا الانتشار العسكري في مياه خليج عدن موجه أساسا إلى حماية مصادر النفط في المنطقة. وانتقد الزنداني عقد ندوة دولية حول اليمن المقررة في ال28 من الشهر الجاري بالعاصمة لندن بمبادرة من رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون معتبرا أن منظمي هذه الندوة يقدمون اليمن على انه بلد في حالة إفلاس.