تجدّد الجزائر مرّة أخرى الوثاق مع الكتاب من خلال الدورة الجديدة من المعرض الدولي للكتاب الذي يرمي لأن يكون منتدى التقاء وتواصل بين الجزائر ومختلف الدول المشاركة والتي بلغ عددها سبعا وعشرين دولة بأكثر من 559 دار نشر، 120 منها جزائرية والباقي أجنبية، عربية وغربية، إذ يفتح غدا معرض الجزائر الدولي للكتاب أبوابه للجمهور الذي سيكتشف ما جادت به دور النشر المشاركة وكذا ما تقترحه اللجنة المنظمة عليه من نشاطات مرافقة ستصنع الدورة الثانية عشرة من هذا الموعد الذي يرفع لعام 2007 شعار "الثابت والمتحوّل في الثقافة العربية"· على مدى أحد عشرة يوما ستكون الجزائر قبلة لمحترفي ومهنيي صناعة الكتاب وهي لا تزال "عاصمة للثقافة العربية"، ونقطة تجمّع معرفي واتصالي يحمل بين رفوفه وفي مختلف جنباته أبعادا مختلفة أهمّها التعريف بالإنتاج الفكري للدول المشاركة، ترقية نشر الكتاب، تطوير شبكات توزيع الكتاب، الحثّ على الاستثمار في مجال النشر والفنون المطبعية، تفعيل الاتصالات المهنية بين الكتَّاب، الناشرين والمكتبيين، التحفيز على المطالعة، ترقية الكتاب العلمي، التقني والأدبي بشكل عام، وكذا ترقية كتاب الطفل· هذا الموعد الثقافي والتجاري الذي يعود للمرة الثانية عشرة والموضوع تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، والمنظّم من طرف المؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار مع شركائها وهي "المؤسسة الوطنية للمعارض والتصدير "سافاكس"، النقابة الوطنية لناشري الكتاب، جمعية المكتبيين الجزائريين والنقابة المهنية للكتاب بالتنسيق مع وزارتي الاتصال والثقافة، يسير على نفس خطوات طبعاته السابقة ولكن بنفس جديد وإرادة أكثر ثباتا على جعله موعدا ثقافيا وفكريا دوليا، ومنتدى مرجعيا لمحترفي وصنّاع الكتاب· الجزائر وفي محاولتها إعادة ربط الجزائري بالفعل الثقافي، واستضافة وجمع مختلف أطياف المشهد الثقافي من معربين ومفرنسين في معرضها الدولي للكتاب يعكس إرادة منظمي هذه التظاهرة في مواصلة رفع مستوى التنظيم وترقية المشاركة الوطنية والأجنبية في هذا الموعد الثقافي الهام الذي برمج ابتداء من الدورة السابقة في نفس الموعد· وقد حرصت اللجنة المنظمة لهذا الصالون - حسب رئيسها السيد أحمد بوسنة - على تعديل القانون الداخلي للمعرض عبر تقديم الجديد وذلك بالتأكيد على المشاركة بالإصدارات الحديثة على أن لا يتجاوز تاريخ إصدار المؤلَّف 5 سنوات، ومنع عرض الأقراص المضغوطة وأشرطة الكاسيت باستثناء الأقراص المضغوطة المرافقة للكتب، علاوة على تحديد خمسين نسخة كحد أقصى للنسبة الحصية لكل عنوان مدرج في القائمة المرسلة إلى اللجنة التقنية للمعرض· وستنزل الجمهورية اللبنانية خلال هذه الدورة ضيفة شرف على الصالون من خلال تنظيم أمسية تكريمية لها يوم السبت القادم يناقش فيها موضوع أدب الهجرة متبوعة بمحاضرة حول "بيروت، قطب ثقافي: الماضي والحاضر"، وستشكّل "سيلا 2007" فرصة إضافة إلى اقتناء الكتب وآخر الإصدارات، لمتابعة مجريات برنامج ثقافي ثري ومتنوّع تدور محاوره حول شعار المعرض الذي اختير أن يكون بعنوان "الثابت والمتحوّل في الثقافة العربية"، بعد أن كان في "سيلا 2006"، "الكتابة والتحرّر" تصالح من خلالها الجزائري مع ذاكرته، ذاته، وطنه، تاريخه والآخر· ويرمز شعار هذه الدورة التي تتزامن مع الاحتفالات بثورة أول نوفمبر وتظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"، إلى الأدب كشكل من أشكال التعبير الأكثر حيوية للثقافة العربية علاوة على ما يوفّره الأدب العربي في البحث عن تحرير الضمائر، كما سيستقبل ممثلي الموجة الجديدة من المبدعين التي تحمل معها نفسا منعشا لدنيا الأدب العربي، وتكون بذلك فضاء لروح التجاوز والخيال الفيّاض· وانطلاقا من هذا المفهوم العريض للكتابة والثقافة العربية ارتأى منظمو هذه التظاهرة الدولية تنظيم لقاءات وندوات حول مفهومي الثابت والمتحوّل وكذا المخيال الشعبي والطابوهات وحدود الإبداع حول إسهامات العديد من الشخصيات الفكرية التي أعطت كتاباتها بعدا عالميا· وسيتمّ خلال "سيلا 2007" إلى جانب عملية البيع والشراء، مناقشة العديد من المسائل الأدبية والفكرية، إذ من المنتظر الاقتراب من "المخيّلة الشعبية والتراث الإسلامي"، "الرواية الجزائرية الناطقة بالعربية"، "الأدب العربي المعاصر"، "الطابوهات في الثقافة العربية" إلى جانب تظاهرة "أصوات نسوية وروايات، "الإنسانية والإسلام"، "بيروت، قطب ثقافي: الماضي والحاضر"، "الآثار العربية الإسلامية في الأدب الإيطالي المعاصر"، وكذا "النُّخب، النهضة وحركة الترجمة بالمشرق"، "الترجمة والمساهمات الحضارية"· ومن بين الوجوه البارزة التي يحتفى بها وينشط هذه اللقاءات مجموعة من المفكرين والجامعيين جزائريين وأجانب، المفكّر محمّد أركون، جاك فيرجيس، ليلى برتات من البيرو، علاء الأسواني، جومانة حداد، دوناتا كنزلباخ، هدى بركات، هيفاء بيطار، فضيلة الفاروق، سلوى نعيمي، جيزيل حليمي، وكذا مرزاق بقطاش، رشيد بوجدرة، الطاهر وطار، واسيني الأعرج، عمارة لخوص وغيرهم· معرض الجزائر الدولي للكتاب سيعرف على غرار الدورات السابقة أياما تكريمية تمسّ عددا من الوجوه الأدبية الجزائرية تخليدا لروحها وعرفانا بما قدّمته في النسيج الأدبي والثقافي وكذا الفني الوطني، إذ إلى جانب الندوات ستخصّص وقفات تكريمية تخليدا لكلّ من الأمير عبد القادر، أحمد رضا حوحو، جاك بيرك، جول روا، فرحات عباس، الشيخ مبارك الميلي، إبراهيم بيّوض أضف إلى ذلك مولود قاسم نايت بلقاسم، البشير حاج علي، موني براح، محفوظ قداش ومصطفى لشرف إلى جانب ديوان بسكرة·. وأكّد رئيس اللجنة التنظيمية لصالون الجزائر الدولي للكتاب السيد بوسنة في وقت سابق أنّ عمل اللجنة المنظّمة يرتكز بالأساس في السهر على السير الحسن لفعاليات المعرض، وتعتمد في عملها هذا على لجنة حكومية تضمّ وزارتي الثقافة والشؤون الدينية والأوقاف، تعمل على أن تحترم المبادئ الجمهورية وقوانينها، مؤكّدا على أنّ الكتب الحاملة للأفكار المتطرّفة مرفوضة من طرف جميع الأطراف، مرجعا هيمنة الكتب الدينية على سائر الكتب المعروضة خلال الدورات السابقة إلى منطق السوق الذي يتعامل به العارضون من منطلق دراسته للقارئ الجزائري وإقباله على هذا النوع من المصنّفات· وللإشارة، صالون الجزائر الدولي للكتاب في دورته الحادية عشرة حمل شعار "الكتابة والتحرّر"، وعرف إقبالا كبيرا للزوّار والذي وصل حدّ 350 ألف زائر، ومشاركة 687 دار نشر جزائرية وأجنبية أي بزيادة 20 دار نشر مقارنة بالدورة العاشرة، وعرفت المشاركة الجزائرية زيادة ب 54 دار نشر جزائرية، لتصل عام 2006 إلى 130 دار نشر، علاوة على انتقال المساحة المستغلة في الصالون من 8500 متر مربّع إلى 9600 متر مربّع من أصل 10500 متر مربّع عام 2006، لتصل مع الدورة الثانية عشرة إلى 14500متر مربّع، 15بالمائة منها موجّهة للنشاطات الثقافية والترفيهية الموجّهة للأطفال والشباب· كما سجّلت الدورة السابقة عرض 93 ألف عنوان بزيادة 8 آلاف عنوان عن سابقتها، ليعرض لسنة 2007، حوالي 82 ألف عنوان، وهي أرقام تعكس المستوى الذي وصل إليه موعد الجزائر كموعد قار في أجندة المواعيد الإقليمية والعالمية· *