يتم اليوم بمدينة برشلونة الاسبانية تنصيب الأمين العام للاتحاد من اجل المتوسط، الأردني احمد المصدح، بحضور وزيري خارجية اسبانيا وفرنسا ليكون اول أمين عام لهذا التكتل الاقتصادي الإقليمي. ويحضر أيضا وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط والأردني ناصر جدة والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى مدينة برشلونة التي اختيرت لاحتضان مقر الأمانة العامة لحضور مراسيم التنصيب. وكان الدبلوماسي الأردني عين بصفة غير رسمية يوم 26 جانفي الأخير كأول أمين عام للاتحاد من اجل المتوسط الذي تم تأسيسه سنة 2008 بالعاصمة الفرنسية باريس بمبادرة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. يذكر أن الهدف من تأسيس هذا التكتل كان توفير فرص شراكة قوية اقتصادية وثقافية وسياسية بين دول ضفتي المتوسط ولكنه لاقى ممانعة أوروبية واسعة قادتها ألمانيا التي رأت فيه تهديدا لدور الاتحاد الأوروبي في المنطقة المتوسطية واشترطت أن يتم توسيعه لصالح كل الدول الأوروبية وهو ما جعل الرئيس الفرنسي يرضخ في نهاية الأمر لضغوطات أنجيلا ميركل التي تمكنت من فرض منطقها على الدول التي كانت ترغب في إبقائه محصورا على دول المجال المتوسطي. وإذا كانت طموحات الاتحاد قبل ميلاده جعلته يستقطب اهتمام مختلف الدول وخاصة تلك المطلة على الضفة الجنوبية للمتوسط التي علقت عليه آمالا كبيرة ما لبثت أن خابت في نهاية المطاف بدليل أن المولود الجديد بقي رهين الصراعات حول اقتسام المناصب والهيئات قبل أن يأتي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في جانفي العام الماضي ليقتل بصيص الأمل الذي بقي لحياة هذا المولود. فقد بقيت الدول المبادرة لإنشاء هذا التكتل عاجزة على قول كلمة حق طيلة ثلاثة أسابيع في وجه اسرائيل التي كانت تقتل بالفسفور الأبيض والقنابل العنقودية المحرمة أطفالا ونساء فلسطينيين وتأكد حينها أن هذا التكتل ما هو إلا مجرد وهم آخر تماما كما كان الأمر بالنسبة لمسار برشلونة وكل المبادرات الأخرى، التي راحت ضحية الحسابات الضيقة لكل الأطراف. وتأكد أيضا من خلال اول وآخر لقاء قمة بين قادة الدول المنضوية أن دول الشمال المتوسطي لم تتمكن من التخلي عن عقدة الهيمنة التي طبعت مواقفها إلى حد الآن باتجاه دول الجنوب بعد أن أبدت رغبة صريحة في إبقاء هذه الدول مجرد أسواق لترويج منتجاتها ومصدرا للحصول على موارد الطاقة التي تحتاجها ولكنها في المقابل حرصت على منع الانفتاح في المجالات الإنسانية الأخرى والثقافية وخاصة ما تعلق بحرية تنقل الأشخاص بين ضفتي المتوسط. وهي كلها مشاكل وعقبات حالت دون تمكن الدول الثلاثة والأربعين الأعضاء من عقد قمة ثانية لها، وهي المهمة التي سيعمل احمد المصدح على التحضير لها في ظل حقائق الواقع الراهنة والخلافات العميقة التي شابت مسيرة هذا التكتل رغم قصرها ولكنها أكدت حجم التناقضات وتنافر المصالح بين أعضائه. للإشارة فإرن قمة منتظر عقدها لدول الاتحاد في مدينة برشلونة شهر جوان القادم ولكنه رهان يبقى صعب تحقيقه في ظل الظروف الحالية.