وسعت الحكومة التشادية من دائرة إتهاماتها ضد دول الجوار بالوقوف وراء الهجمات العسكرية الأخيرة على العاصمة نجامينا في وقت كشفت باريس عن دعمها المطلق للرئيس ادريس ديبي المستهدف بهذا الإنقلاب الذي فشل في آخر لحظة·وعلى عكس كل التوقعات اتهم الوزير الأول التشادي الواكاسيري كوماكويو صراحة أمس ليبيا بدعم وتسليح فصائل التمرد التي تتخذ من مناطق شرق تشاد معاقل لها· وقال المسؤول التشادي أن العقيد الليبي معمر القذافي هو الذي ساهم في تسليح هؤلاء المسلحين وبمشاركة السودان·والمفارقة أن تصريحات الوزير الأول التشادي تزامنت مع وصول وفد من المفاوضين الليبين إلى العاصمة نجامينا من أجل مباشرة اتصالات مع الأطراف التشادية على أمل التوصل الى حل للخلافات المسلحة بينهم· ووصل الوفد الليبي الى تشاد في إطار تكليف الاتحاد الإفريقي للرئيس العقيد القذافي بمباشرة مساعي وساطة بين فرقاء الأزمة التشادية في محاولة لطي صفحة الاقتتال بينهم وفتح صفحة مفاوضات مباشرة تفضي إلى تفاهمات تحسم بصفة نهائية القلاقل العسكرية الداخلية التي يتعرض لها نظام الحكم في هذا البلد منذ عدة عقود· وذهب المسؤول السامي التشادي إلى حد القول في تصريح صحفي أمس، أنه ليس لدينا ما نتفاوض بشأنه مع هؤلاء الموفدين· وأضاف كوماكويو أن الرئيس الكونغولي سامو إنغيسو العضو الآخر في وفد الوساطة الإفريقي كان رئيسا للاتحاد الإفريقي سنة 2006 فماذا فعل من أجل تسوية المشكلة التشادية ولم تكتف بذلك وذهب إلى القول أن هذا الأخير مرتشي· ويمكن القول أن السلطات التشادية من خلال هذه التصريحات قد أطلقت رصاصة الرحمة على مساعي الوساطة التي أقرها قادة الدول الإفريقية خلال قمتهم الأخيرة بالعاصمة الأثيوبية وكلفوا من خلالها الرئيسين القذافي وإنغيسو للقيام بتلك المساعي·وتسارعت الأحداث في تشاد خلال الثلاثة أيام الأخيرة بشكل لافت منذ زحف المتمردين وسقوط وشيك لنظام الرئيس ديبي إلى انسحاب مفاجئ لهؤلاء وقبولهم الالتزام بوقف لإطلاق النار وبدت السلطات التشادية غير متحمسة للأمر· ولكن ما الذي جعل نجامينا تبدي هذا الموقف من مهمة رسمية للاتحاد الافريقي وهي التي إلتزمت الصمت عندما أقرت الهيئة الإفريقية بالإجماع تبني مهمة الوساطة؟· والمؤكد أن الموقف التشادي لا يمكن إخراجه عن دائرة الموقف الرسمي الذي اتخذته السلطات الفرنسية في بداية الأحداث ولكنها راجعته أياما بعد ذلك وأكدت وقوفها "اللامشروط" مع الرئيس إدريس ديبي وهي التي دعته صراحة إلى مغادرة البلاد واستعدادها لمساعدته في ذلك· ومن النقيض إلى النقيض غيرت باريس من موقفها من دائرة "الحياد" الى الدعم اللامشروط لسلطات نجامينا·ولم يكن الوصول المفاجئ لوزير الدفاع الفرنسي هيرفي مورين أمس الى العاصمة التشادية سوى رسالة قوية من باريس باتجاه المتمردين وأنها لن تتخلى عن حليفها في منطقة استراتيجية مثل دولة تشاد·وقال مورين في أول تصريح له لدى وصوله إلى نجامينا لتأكيد الموقف الفرنسي أن بلاده لن تتوانى في ضرب المتمردين "ضمن ما يخوله القانون الدولي لمنع أية عملية عسكرية جديدة ضد النظام التشادي"· وكان وزير الدفاع الفرنسي يشير في ذلك إلى وجود رتل من قوات المتمردين في طريقه إلى العاصمة نجامينا ولكنه أكد حركة سيره بطيئة ولكنها مؤكدة·وكان رد الفصائل المتمردة سريعا على تهديدات وزير الدفاع الفرنسي وأكدت أن أقوال هيرفي مورين لن تردعهم في شيء وحذرت باريس من مغبة أي تدخل عسكري مباشر في تشاد· وقال عبد الرحمن كلام الله الناطق باسم فصائل التمرد أننا نحذر فرنسا من أي تدخل مباشر لأن ذلك سيؤدي إلى انعكاسات سلبية وستضع رعاياها في دائرة الخطر في كل إفريقيا·