لم يكن مقتنعا بأن الجمع بين الرياضة ومرض السكري أمر مستحيل، فبرهن على ذلك في الميدان بالمشاركة في عدة ماراطونات دولية ليصحح بذلك النظرة الخاطئة التي تقول أن "مريض السكري والرياضة أمران لا يلتقيان"·· دافع بممارسة رياضة العدو عن فكرة أن داء السكري لا يعني الإعاقة فكان أول جزائري مصاب بالسكري يؤكد بتجربته الفريدة أن الحاجة إلى الأنسولين لا تنفي الحاجة إلى الحركة···· إنه السيد مصطفى خياري· اسم يتكرر في كثير من الأوقات عبر مختلف وسائل الإعلام حين يتعلق الأمر بتظاهرات ماراطونية في الوطن أو خارجه··· جمعنا معه لقاء فسلطنا الضوء على مشواره الرياضي الذي يحمل في طياته الكثير من التحدي· هو مساعد تربوي بمتوسطة لالا خديجة بالسيدة الإفريقية (العاصمة) يبلغ من العمر 54 سنة··· أدرك أن في الحركة فائدة وأن الرياضة أقصر طريق لجنيها··· ولأن مغامرة العدو الريفي بعد أن اكتشف إصابته بداء السكري!·· كان حافزه في ذلك الرغبة في نشر رسالة مفادها أن داء السكري لا يعني الشلل، وفي نقل صوته إلى كافة مرضى السكري في الجزائر وخارجها كي يصحح النظرة الخاطئة التي تنفي قدرة مريض السكري على العدو· مرض السكري لا يعني النهاية ويتذكر العداء عندما توجه لأول مرة نحو عيادة الطبيب المختص في داء السكري أنه لم يخف من نتيجة الفحص بقدرما خاف من أن يمنعه الطبيب من مواصلة مشوار الرياضة وعلى عكس المتوقع كان جواب الطبيب إيجابيا··· ومن هنا زاد إصراره على مقاومة مرض السكري باكتشاف رياضة العدو الريفي التي تعد جد صعبة نظرا للمجهودات الكبيرة التي تتطلبها إلى جانب التحضير النفسي الذي يحتاجه مريض السكري لكبت مخاوف انخفاض مستوى السكر· وتحولت الرغبة إلى حقيقة عندما شارك لأول مرة في سباق نصف الماراطون (21كلم) من عين البنيان إلى ملعب 20 أوت، بحيث كان العداء الوحيد المصاب بالسكري من ضمن المشاريكن··· ولأن تجربته توجت بالنجاح لم يعد لديه أي شك في أن الرياضة تفيد مرضى السكري، وهي الحقيقة التي يؤكد عليها إثر كل مقابلة صحفية· تميزت انطلاقة السيد مصطفى خياري الرياضية بالاعتماد على تدريبات بمفرده··· لكن سرعان ما أصبح العداء الدولي الجزائري عز الدين صخري المساعد الرئيسي الذي يشرف على برنامج التدريب اليومي الخاص به··· وفي هذا الصدد يقول محدثنا: "أشكره كثيرا على وقوفه إلى جانبي"· ولقد سمحت سلسلة التدريبات للعداء خياري بالمشاركة في أول ماراطون دولي بجانب سنة 2001، حيث شارك معه أربعة مرضى، استطاع أن يصل قبلهم، ثم تلتها عدة مشاركات ففي سنة 2002 شارك مع أصحاء في ماراطون واد سوف الدولي ليحصل على المرتبة الخامسة كهول، وتمكن من خلال الماراطون تيميمون الدولي أن يفتك المركز الأول بزمن 2 سا و56د و23 ثانية· كما حقق النجاح بإحراز توقيت جيد في سباق 10 آلاف متر ونصف الماراطون بألمانيا في حين وفق في ماراطون باريس لسنة 2005 بتوقيت 3سا و26د وثانية واحدة··· وأدهش المزيد من المتابعين في ماراطون تونس الدولي المقام في أكتوبر 2007، حيث تحصل على المرتبة ال22· وهي النتيجة التي أبهرت المنظمين، وكانت آخر مشاركة له مؤخرا في سباق العدو الريفي 10كلم ونصف ماراطون بالجزائر العاصمة· وليست هذه آخر محطة في رياضة العدو بالنسبة للعداء الذي أدهش الجميع بطريقته الخاصة في مقاومة مرض السكري، حيث يحضر حاليا للمشاركة في الماراطون الممتاز (50كلم) الذي سيقام يوم 16 أفريل المقبل في بسكرة، فرغم الحرارة الحارقة، إلا أن السيد مصطفى خياري عازم على المشاركة في هذه التظاهرة الرياضية التي تشرف على التحضير لها جمعية غابة بوشاوي (العاصمة)· ليؤكد للمرة الألف بأن السكري لا يعني الإعاقة··· ولا يعني نهاية العالم، فالأمر لا يحتاج ببساطة إلا إلى متابعة طبية ومساعدات مالية ومادية للحصول على وسائل التدريب لمرضى السكري الممارسين للرياضة· أحلم بإنشاء فريق يجمع مرضى السكري وبهذه التجربة يكون العداء خياري (أب لسبعة أطفال) قد وجد عزاءه في رياضة العدو الريفي التي تخفف من حدة القلق وتجنب مضاعفات السكري·· وهي الفائدة التي لا يعرف قيمتها إلا من حذى حذوه من مرضى الكسري··· وفي هذا الشأن يوجه نداءه قائلا: "لا ينبغي أن يكون الحديث عن مرض السكري مناسباتيا فالأمر بات يحتاج إلى بث حصص شهرية على الأقل للإعلام عن فوائد الرياضة لهذه الشريحة·· وهو ما سعت جمعية أطباء الجزائر التي انخرطت فيها تجسيده مؤخرا من خلال تنظيم سباق للأطفال مرضى السكري بالتنسيق مع جمعية مرضى السكري في ملعب الساطور، حيث أشرفت على عملية تسخين أعضاء الأطفال قبل الإنطلاق· ولقد لقيت هذه المبادرة التي تمت بحضور سفير الإمارات نجاحا كبيرا· ولا تتوقف طموحات العداء الذي يعد أول مريض تحدى فكرة عدم إمكانية الجمع بين السكري والرياضة عند هذا الحد، إنما هناك حلم يراوده ويدفعه للتفكير في إجراء تربص التدريب لتحقيق مشروعه بعد التقاعد، والكامن في إنشاء فريق العدو الريفي لمرضى السكري بمساعدة السلطات المحلية·