تفكيك الحدود التي تفصل بين الفنون إبداع في حد ذاته يقوم على التكامل والتجديد ليبرز في شكل جديد يتجاوز التقليد والخطاب المباشر والجاهز.عن هذه التجربة الإبداعية تتحدث الفنانتان آريال وآن وتسهبان في الحث على ضرورة تواصل الفنون والثقافات. استضاف فضاء ''صدى الأقلام'' بالمسرح الوطني أول أمس، الفنانتين آن كويفر وآريال بوزون لعرض تجربتهما في ربط الشعر بالمسرح والموسيقى والتصوير وغيرها من الفنون. بداية أشار الشاعر عبد الرزاق بوكبة الى أن اللقاء يعتبر بمثابة انفتاح مطلق للمسرح الوطني على باقي الفنون قصد خلق حوار مشترك معها. وأوكل تنشيط اللقاء للشاعرة الجزائرية الشابة سميرة نروش التي ثمنت مثل هذه اللقاءات التي تخدم الفن والثقافة في المقام الأول، لتقدم بعدها الضيفتين القادمتين من باريس في إطار دعوة من المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر للاحتفال بتظاهرة ''ربيع الشعراء'' التي انطلقت في 1 أفريل وستختتم يوم غد 6 أفريل. وشاركت حفل افتتاح هذه التظاهرة الفنانة آن كويفر بعزفها المميز على آلة القيثارة، أما الفنانة آريال بوزون المختصة في فن التصوير الفوتوغرافي والسينوغرافيا فستقدم عرض الاختتام يوم 6 أفريل بالمركز الثقافي الفرنسي بالعاصمة والذي سيحمل عنوان ''بابال'' وهو عرض ب6 لغات يتضمن الغناء والشعر وغيرهما وهو ما يطلق عليه أكاديميا ''متعدد الاختصاصات الفنية''. تحدثت آن عن تجربتها الفنية التي انطلقت من باريس لتشتغل 15 عاما كممثلة على خشبة المسرح أي منذ سنة 1982 وتجوب بأعمالها العديد من دول أوربا خاصة إيطاليا وألمانيا ناهيك على اشتغالها فيما بعد بالغناء والعزف، مؤكدة على أن الفنان عليه أن يسعى الى امتلاك كل الفنون وادماجها ليصل الى عمل متكامل ومتقن. آن من أصل ألماني اضطرت لتعلم الفرنسية رغم صعوبتها (بالنسبة لها) عند التحاقها بمعهد الفنون الجميلة بباريس لكن التجربة كانت ممتعة بعدها، فقررت تعلم لغات أخرى قصد اكتساب تفتح روحي ووجداني مع شعوب أخرى تسهل عليها تمرير رسالتها الفنية، وتقول في هذا الشأن ''اتجهت الى الكلمة (الشعر) والغناء للتعبير عن رسالتي ووجداني أكثر وبشكل أسهل فمثلا أديت مقاطع شعرية باللغة البرتغالية، كنت أتعثر لكني كنت أعوض تلك السقطات بالتمثيل والتعبير بتقاسيم وجهي كي يفهمني الجمهور، تجربة أخرى أحاول دخولها بقوة خاصة منذ أن تعرفت على الشاعرة سميرة نقروش منذ شهور مضت وهي محاولة قراءة شعر بالعربية ولو بكلمات.. الأمر صعب وسأجتهد لتحقيقه فأنا فنانة فضولية وتحب دخول تجارب جديدة وتعترف بتعدد المواهب في فنان واحد كي يستطيع كسر الحدود بين الفنون واللغات ليصل إلى الناس جميعا''. أما الفنانة آريال بوزون فتحدثت بشكل خاص عن علاقتها بفن التصوير منذ أول معرض لها بباريس، بعنوان ''مألوف'' ضم 131 صورة، ترتبط آريال دوما بكل ما هو جديد ومختلف منذ أن كانت طالبة بمدرسة الفنون الجميلة إذ لم تكتف بتعلم كل تقنيات التصوير والطباعة (مدة 5 سنوات)، بل حاولت مزج هذه التقنيات بطرق مبتكرة ومزدوجة أي كانت لها قابلية لتخطي الحدود التي تفصل بين تقنيات هذا الفن، وتقول ''كان التصوير العادي بالنسبة لي حدثا آنيا يرتبط بلقطة، الأمر الذي كان يزعجني فملت الى مقاربة هذا التصوير العادي بتقنيات فنية أخرى، أي أنني ألتقط الصور التي تهمني ثم اشتغل عليها كما أشاء وأحوّلها كما أريد، وذلك من خلال المونتاج، وأتذكر أنني حاولت إيجاد أدوات فنية مميزة عندما صوّرت لقطات مسرحية أدتها صديقتي آن ثم ركبتها ووضعتها على أدوات عرض منها قطع وأعمدة زنك وحجر، ونصب معدنية وأعطيتها روحا من الماضي فبدت وكأنها قطعة من التاريخ، الأمر الذي بدا للزائر وكأنه في متحف''. وواصلت الفنانتان سرد تجربتهما المشتركة خاصة في المسرح إذ أكدت آن أنها تعمل بالتنسيق مع آريال في مجال السينوغرافيا لخلق أجواء مميزة للعرض مبرزة تجربة أحد عروضها إذ جسدت البحر في وشاح حريري ضخم احتضنته آن في أحد المشاهد وهي تروي قصتها مع البحر المتوسط بمعنى أن الوشاح جسد البحر وموجاته.