لم تكشف مجزرة أسطول الحرية عن كامل أسرارها وخباياها مع توالي شهادات الناجين من جحيم هذه المجزرة التي نفذتها القوات البحرية الإسرائيلية في أعالي البحار وراح ضحيتها عشرة متضامنين غالبيتهم أتراك. وجاءت هذه الشهادات هذه المرة مرفوقة بإثباتات وأدلة قاطعة لم تترك أي مجال للشك في الجريمة البشعة التي اقترفها جنود إسرائيليون مدججون بأحدث التجهيزات العسكرية ضد مدنيين مسالمين كانت إرادتهم وعزيمتهم لمواصلة مهمتهم الإنسانية سلاحهم الوحيد لمواجهة القراصنة اليهود. ورغم أن القوات الإسرائيلية شوشت على الاتصالات في سفن أسطول الحرية وأتلفت كل ما كان على متنه من كاميرات وهواتف نقالة وأجهزة إعلام آلي لمحو كل اثر لجريمتها الشنعاء إلا أنها بقيت عاجزة أمام التقنيات العلمية الجد متطورة والتي استخدمها الأتراك لنقل ما يحدث على متن سفينة ''مافي مرمرة '' أكبر سفن الأسطول ومسرح الهجوم الدامي. وهو ما كشفته صحيفة ''حريات'' التركية التي نشرت أمس صورا لجنود إسرائيليين وملامح الرعب بادية على وجهوهم بعدما وقعوا رهائن في أيدي المتضامنين في أسطول الحرية والذين لم يكونوا مجهزين بأية أسلحة بيضاء أو غيرها. وقالت الصحيفة أن هذه الصور تم استرجاعها بمساعدة نظام إعلامي خاص من بطاقة ذاكرة لأحد الركاب كان الجيش الإسرائيلي مسح محتواها وتحصلت عليها الصحيفة من متضامن تركي وهو عضو في المؤسسة من أجل المساعدات الإنسانية أهم المنظمات المشاركة في أسطول الحرية. كما أظهرت الصور جنديا إسرائيليا آخر سقط من أعلى الدرج في حين أظهرت أخرى أحد أعضاء الكومندوس وهو يتلقى المساعدة من قبل الطاقم الطبي المتواجد على متن السفينة. وهي صور كشفت مدى الهلع والرعب الذي تملك الجنود الإسرائيليين بمجرد تجريدهم من أسلحتهم التي تبقى مصدر قوتهم الوحيد وأنهم بدونها لا يساوون شيئا وغير قادرين على مواجهة حتى مدنيين عزل. ولكن جيش الاحتلال حاول استغلال هذه الصور لترميم صورته التي تزعزعت من خلال تأكيد مزاعمه في أن من كان على متن باخرة مرمرة التركية مجرد مرتزقة كانوا يستحقون تلك النهاية المأساوية وتناسى أن من يصفهم بالمرتزقة إنما دافعوا عن أنفسهم بكل الوسائل المتاحة أمامهم. وأنهم لو كانوا مرتزقة لأقدموا على قتل الجنود الذين احتجزوهم وعدم الاكتفاء بتجريدهم من أسلحتهم ورميها في البحر. وتواصل تعرية الوجه الإجرامي لقوات الاحتلال هذه المرة على لسان ديمتري بليونيس أحد المتضامنين اليونانيين الذي كان على متن الباخرة التركية والذي فضح وحشية الكومندوس الإسرائيليين الذين أجهزوا بدم بارد على كل من حاول اعتراض طريقهم حتى المصابين منهم. وأكد في شهادات حية نشرتها أمس صحيفة ''الفثيروتيبا'' اليسارية أنه ''رغم الحرب الإلكترونية التي شنتها قوات الاحتلال لمنع أي اتصال بين الأسطول والعالم الخارجي فإن مافي مرمرة وبعد نصف ساعة من الهجوم واصلت إرسال الصور عبر شبكة الانترنت بفضل نظام جد متطور كان يخفيه متضامن تركي قتل على يد جندي إسرائيلي''. وقال إنه شهد بأم عينه كيف أجهز ذلك الجندي على المتضامن التركي برصاصة في الجبين لمنعه من مواصلة إرسال الصور. وأكد المتضامن اليوناني أن الإسرائيليين كان حرصهم الأول إنهاء بث الصور من على سطح الباخرة التي كانت مجهزة بأحدث تقنيات الإرسال ومئات الكاميرات التي ترسل الصور دون انقطاع. وقال أنهم بعد أن استولوا على الباخرة أقدم الكومندوس الإسرائيلي على ضرب العديد من الصحافيين وأتلفوا كل أجهزتهم. وتطابقت شهادة المتضامن اليوناني مع شهادات أدلى بها كل من نجا من جحيم النيران الإسرائيلية التي حولت أسطول الحرية إلى مأساة سجلها التاريخ بعد أن قتلت عشرة من ركابه وأصابت العشرات الآخرين وأساءت معاملة البقية قبل الإفراج عنهم.