أكد مختصون في تسيير الموارد البشرية على ضرورة التكوين المتواصل في النهوض بالمؤسسات والتكيّف مع التغيرات الحاصلة في سوق الشغل، مثمّنين ما خصصه المخطط الاقتصادي والاجتماعي (2010 / 2014) من غلاف مالي للتنمية البشرية ووجوب استثمار ذلك في ترقية الكفاءات المسيرة لهذه المؤسسات. وأبرزوا أمس في ندوة المجاهد حول التكوين المتواصل والتغيرات في سوق الشغل، العلاقة التكاملية بين هذين المطلبين الضروريين في ترقية المؤسسات وجعلها ذات نجاعة وقدرة على التنافسية في ظل التحولات التي فرضتها العولمة. وقد أكد في هذا الصدد، المدير العام للمعهد الوطني للانتاجية والتنمية الصناعية السيد عبد الرحمن موفق على أن قوة الدولة هي في قوة اقتصادها وقوة هذا الأخير هي في قوة مؤسساتها التي تقتضي النجاعة والتنافسية، وهو الأمر الذي يتطلب إطارات مسيرة ذات كفاءة عالية وتكوين متواصل لإطاراتها الذين يصير بعضهم مسيريها في المستقبل. وألحّ السيد موفق على ضرورة أن تعتني المؤسسات بموضوع التنمية البشرية، فهي الطاقة المستدامة في عملية النهوض بالاقتصاد الوطني، ولذلك لابد من بذل مجهودات جبارة في هذا المجال لضمان الحد الأدنى من التكوين لإطارات المؤسسات حتى نقترب من مستوى الأداء التسييري بالمؤسسات الأجنبية، ونعالج الفجوة الحاصلة في هذا المجال. وكشف السيد موفق في هذا الإطار على اطلاق برنامج لتكوين الإطارات المسيرة في سبتمبر القادم يتم بالشراكة بين المعهد الوطني للانتاجية والتنمية الصناعية ومدارس عليا للماناجمنت من أوروبا ويمنح على إثر ذلك شهادة عليا في التسيير للإطارات المسيرة تعادل نظيراتها في أوروبا، أما البرنامج الثاني الذي سيتم إطلاقه فسيكون في منتصف عام 2011 ويكون موجها لإطارات المؤسسات التي تصبح مستقبلا إطارات مسيرة للمؤسسات. ومن جانبه اعتبر المدير العام للمدرسة العليا للتسيير السيد بلقاسم محمد، بأن التكوين المتواصل هو ضرورة وحق للموظفين في الوقت نفسه واقترح في هذا الصدد، وضع إطار قانوني وميكانزمات دائمة للاستفادة من هذا التكوين المستمر عبر المسار المهني. واقترح ضمن هذا الإطار سن ''إجازة للتكوين'' يستفيد منها الإطارات حتى لا يبقى الأمر لتقدير المسير فقط. وانتقد السيد بلقاسم عدم استثمار المؤسسات والهيئات الوطنية بصورة كبيرة في تنمية الموارد البشرية موضحا أن المخطط الاقتصادي والاجتماعي (2010 - 2014) يدعو ويشجع المؤسسات على الاستثمار أكثر في هذا الجانب الذي أفرد له المخطط 40 بالمائة من غلافه المالي المقدر ب286 مليار دولار. ومن أجل تسهيل مهمة الانخراط في هذا المسعى، اقترح السيد بلقاسم خلق منصب مستشاري التكوين المتواصل بالمؤسسات والهيئات الوطنية. أما المديرة المركزية للموارد البشرية لمجمع صيدال السيدة حميدة يوس، فقد أوضحت بأن غنى مؤسسة ما، هو في تنمية مواردها البشرية حيث تقوم هذه الأخيرة بالانتاج وتكون وراء النجاعة وتحقيق التنافسية وأبرزت المتحدثة ما أسمته بالتكوين المندمج بعد توظيف الجامعيين من طرف صيدال، وتكوين الإطارات طبقا لحاجات وتطلعات المؤسسة وإمكانياتها وأثارت في هذا الصدد ما أسمته بغياب العلاقة بين المؤسسة الاقتصادية في الجزائر والجامعة لا سيما في تكوين ما فوق مستوى تقني سام. ومن جهته، ذكر مدير التشغيل بوزارة العمل السيد بن طه محمد وعلي، باستراتيجية التشغيل ومكافحة البطالة التي وضعتها الدولة سنة 2008 وتهدف الى تخفيف الأعباء لصالح المتعاملين والمؤسسات من أجل توظيف أكثر واتباع سياسة التكوين المتواصل إضافة الى الاستفادة من متخرجي مراكز التكوين المهني المؤهلين في التخصصات التي يتطلبها سوق العمل واستفادة هؤلاء بعد توظيفهم في المؤسسات من التكوين المتواصل بدعم من صندوق وضعته الدولة لهذا الغرض بعد أن شجعت المتعاملين بتخفيض الرسوم والضرائب لكل من يستقبل هؤلاء الخريجين. كما أشار المتدخلون الى أهمية برنامج إعادة التأهيل الذي تنظمه السلطات بالتنسيق مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مثل برنامج ''ميدا ''1 وميدا''2 الذي ينطلق في سبتمبر القادم وكذا البرنامج الألماني- الجزائري لتأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.