خطت دولة كوسوفو أمس أولى خطواتها كدولة مستقلة بعد قرار برلمانها وضع حد للسيادة الصربية على الإقليم الذي تقطنه أغلبية مسلمة·وإذا كانت السلطات الكوسوفية قد حققت حلم الاستقلال الذي تكرس مع تداعيات حرب البوسنة فإنها في المقابل مازالت تبحث عن التأييد الدولي اللازم لدخولها المعترك السياسي العالمي كدولة مستقلة بكامل الحقوق والواجبات· وتكون رحلة الاقناع اللازمة لتحقيق ذلك هي المتهمة الرئيسية للحكومة الكوسوفية الفتية التي لا تريد أن تبقى حالة استثنائية في النسق الدولي أو محل نزاع دولي بين أطراف مؤيدة لاستقلالها وأخرى معارضة·واذا كانت قوى كبرى مثل الولاياتالمتحدة ومعظم الدول الأوروبية قد رحبت بل وسارعت إلى تأييد هذه الخطوة، فإن دولا أخرى لا يستهان بقوة تأثيرها الدولي سارعت هي الأخرى إلى رفض إعلان الاستقلال الكوسوفي من جانب واحد وعلى رأسها روسيا التي رفضت الأمر الواقع والتضحية بمثل هذه السهولة بمصالح حليفتها بالاضافة الى دول أخرى تخشى أن تنتقل عدوى الانفصال الى أقلياتها·وقد أدركت القيادة الكوسوفية حقيقة هذا المأزق، بل وضعية القفز عليه على الأقل خلال السنوات الأولى من عمر استقلالها ودفعت بالوزير الأول هاشم تاشي إلى مطالبة دول العالم للاعتراف بدولته الجديدة· وقال تاشي الذي ينظر إليه على أنه مهندس استقلال كوسوفو أنه بعث ببرقيات الى كل حكومات العالم من أجل الاعتراف بكوسوفو كدولة مستقلة وذات سيادة، وقال أنه يتوقع بدء الاعتراف بالدولة الجديدة خلال الساعات القادمة· وكانت حكومة دولة كوسوفو عقدت أمس أول اجتماع لها وصادقت خلاله على أول أربعة مشاريع قوانين خصت إنشاء وزارة للخارجية وقانون حول الحصانة الدبلوماسية ووضع جواز سفر خاص بالاضافة الى قانون حول حق المواطنة والجنسية· ووفق مشروع القانون الأول، فإن دولة كوسوفو ستكون لها وزارة خارجية وستفتح سفارات في كل عواصم العالم في أقرب الآجال· وينتظر أن تقوم الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وألمانيا بترسيم فكرة تأييدها لاستقلال كوسوفو مباشرة بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بالعاصمة الأوروبية بروكسل·ولم يفوت رئيس حكومة جمهورية كوسوفو الفتية مناسبة عقد أول اجتماع لطاقمه الوزاري لتوجيه تحية للسكان على الهدوء الذي التزموا به وهم يستقبلون اعلان الاستقلال· وخرج مئات آلاف الكوسوفيين إلى شوارع العاصمة برشتينا للتعبير عن فرحتهم بالانفصال عن صربيا وهم يرفعون راية دولتهم المستقلة والتي رفعت لأول مرة أمس فوق مبنى مقر الحكومة، وقد جاءت في شكل خارطة كوسوفو بلون أصفر بخلفية زرقاء وتوسطته ست نجوم بيضاء، وهي الراية التي حلت محل الراية الحمراء والتي كان يتوسطها رأس نسر أسود· وقالت صحيفة "أنفو برس" أن استقلال كوسوفو لن يكون فعليا الا اذا اعترفت به المجموعة الدولية وضمن هذه المقاربة قال الرئيس الأمريكي جورج بوش بالعاصمة التنزانية، حيث يقوم بجولة افريقية أن كوسوفو أصبحت دولة مستقلة ولكنه أكد أن واشنطن ستعترف بهذه الدولة وفق ما نصت عليه توصيات الموفد الأممي مارتي أهتيساري إلى كوسوفو· وعقد مجلس الأمن الدولي أمس اجتماعا عاجلا ثانيا لبحث مسألة استقلال كوسوفو بطلب من روسيا وصربيا اللتين عارضتا معارضة صريحة استقلال كوسوفو· وفي انتظار ما ستكشف عنه الأيام القادمة من تطورات وخاصة باحتمال اندلاع مواجهات بين الأقلية الصربية الرافضة للاستقلال وألبان كوسوفو، طالب الأمين العام الأممي بان كي مون الطرفين بتفادي كل مظاهر العنف واللجوء إلى استعمال الوسائل التي قد تشعل نار الفتنة في هذه الدولة الجديدة وحرصا على السلم والاستقرار في كل منطقة البلقان التي لم تضمد بعد جراح حرب البوسنة·