دخل إقليم كوسوفو التاريخ أمس كدولة مستقلة بعد أن صوت البرلمان في جلسة طارئة واستثنائية في بريشتينا على قيام دولة كوسوفو ديمقراطية حرة مستقلة متعددة الأعراق. وقد أعلن رئيس وزراء كوسوفو هاشم تاتشي -في لحظة انتصب لها وقوفا جميع أعضاء برلمان كوسوفو ومواطنو الإقليم ونقلتها وسائل الإعلام العالمية- وثيقة إعلان الاستقلال وقيام دولة كوسوفو مستقلة ديمقراطية متعددة الأعراق. وفور الإعلان عن هذا الحدث التاريخي في حياة الكوسوفيين، خرج عشرات الآلاف من مواطني الإقليم للاحتفال بهذه اللحظة التاريخية. وقرأ رئيس الوزراء هاشم تاتشي -في لحظة انتصب لها وقوفا جميع أعضاء برلمان كوسوفو ومواطنو الإقليم- وثيقة إعلان الاستقلال. وقال إن برلمان كوسوفو يعلن اليوم قيام دولة مستقلة لكل الأعراق عاصمتها بريشتينا، وذكر أن الجميع سيكونون في دولة كوسوفو سواسية مهما تعددت طوائفهم وأعراقهم. وقد أعلن رئيس البرلمان يعقوب كراسنيكي للنواب بعدما صوتوا برفع الأيدي خلال جلسة استثنائية "اعتبارا من الآن بدل كوسوفو موقعه السياسي، لقد صرنا دولة مستقلة، حرة وسيدة". وأبدت الولاياتالمتحدة وعدد من كبار بلدان الاتحاد الأوروبي في الأسابيع الأخيرة عزمها على الاعتراف باستقلال كوسوفو بعد إعلانه. وسبق إعلان الاستقلال خطابان لرئيس كوسوفو فاتمير سيديو ولرئيس الوزراء تاتشي الذي أكد في خطابة المكتوب التأكيد على الوفاء "بوعده" تطبيق خطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتي أهتيساري التي تنص على استقلال إقليم كوسوفو تحت "إشراف دولي". وقال في كلمة فاصلة لقيت تصفيقا حارا داخل البرلمان وخارجه حيث تجمع الناس في الشوراع والمدن والطرقات "لن تحكم كوسوفو بعد الآن وإلى الأبد من قبل صربيا". وتعهد تاتشي بأن الدولة الجديدة للجميع ولن تكون هناك إجراءات تمييزية ضد أي عرق أو طائفة، ووعد بالدفاع عن حقوق كل الأقليات، وقال إن أي ضيم لن يلحق بها في ظل دولة كوسوفو "الديمقراطية". وقال إن كوسوفو ستسعى للشراكة مع كل دول العالم وإقامة علاقات حسنة مع الجميع ومنها صربيا المجاورة. كما رحب بمهمة الاتحاد الأوروبي التي انتشرت "لمواكبة" إعلان الاستقلال. وفي سياق دعم واشنطن جدد الرئيس الأمريكي أثناء زيارته تنزانيا أمس، دعم بلاده لاستقلال الإقليم متعهدا بالعمل مع حلفاء بلاده على الحيلولة دون وقوع أعمال عنف بكوسوفو بعد الاستقلال. وقال جورج بوش "موقفنا هو أنه يجب تسوية وضع الإقليم لكي تنعم منطقة البلقان بالاستقرار، وثانيا لقد دعمنا خطة أهتيساري" في إشارة إلى الرئيس الفنلندي السابق مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى كوسوفو مارتي أهتيساري الذي قدم عام 2007 خطة تقضي باستقلال كوسوفو تحت إشراف الأسرة الدولية. فيما واصل الأوروبيون دعمهم لاستقلال كوسوفو، بإصدارهم قرارا بإرسال بعثة أمنية وقضائية إلى الإقليم لمواكبة الخطوات الأولى من الاستقلال. وتعد هذه البعثة التي أطلق عليها اسم يوليكس كوسوفو، أكبر بعثة مدنية بتاريخ الاتحاد الأوروبي. وتهدف لتوجيه المؤسسات هناك وتقديم النصح لها بكل المجالات المرتبطة بدولة القانون، وإقامة نظام قضائي مستقل ومتعدد الإثنيات فضلا عن شرطة متعددة الإثنيات. وتستمر مهمة يوليكس التي منحت ميزانية قدرها 205 ملايين يورو للأشهر ال16 الأولى من عملها، لفترة 28 شهرا. لكن الاتحاد الأوروبي ينوي تقييم المهمة بعد ستة أشهر على نشرها أي نهاية العام 2008. ويتوقع الدبلوماسيون الأوروبيون أن تبقى كوسوفو تحت رقابة دولية "من خمس إلى عشر سنوات". ومن جانبها وجهت صربيا احتجاجا رسميا إلى الاتحاد الأوروبي اعتبرت فيه القرار غير قانوني، مؤكدة أن مثل هذا القرار "لا يمكن أن يصدر سوى عن مجلس الأمن الدولي". ومن جهتها أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن إعلان استقلال كوسوفو من طرف واحد يشكل "انتهاكا لسيادة صربيا" و"لميثاق الأممالمتحدة وقرار مجلس الأمن 1244". وتابعت "ننتظر من مهمة الأممالمتحدة في كوسوفو ومن قوة الحلف الأطلسي في كوسوفو اتخاذ إجراءات فورية عملا بتفويضهما (..) ومنها إلغاء القرارات التي اتخذتها هيئات الإدارة الذاتية في برشتينا واتخاذ إجراءات إدارية صارمة حيالها". وأضافت "أن روسيا تطالب بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن من اجل بحث الوضع واتخاذ إجراءات حاسمة وفعلية للعودة إلى عملية التسوية السياسية بما يتفق مع القرار 1244". ومن جهتها أعلنت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية أمس أن إعلان برلمان كوسوفو استقلال الاقليم يشكل "تطورا مهما" مشيرة إلى أن إعلانا رسميا سيصدر بهذا الصدد الاثنين في ختام اجتماع في بروكسل. وقالت المتحدثة "من الواضح انه تطور مهم يوجد إطارا جديدا لوضع كوسوفو"، متوقعة صدور إعلان عن دول الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين. وأوضحت ان وزراء الخارجية الأوروبيين "سيناقشون وضع كوسوفو الجديد وجوانبه الاقتصادية والسياسية" خلال اجتماع كان مقررا منذ فترة طويلة. وتابعت انه سيكون في وسع كل من الدول الأعضاء فيما بعد في حال رغبت في ذلك إصدار إعلان خاص بها حول هذه المسألة. الوكالات/واف