صدر مؤخرا عن »دار هومة« كتاب للدكتور صالح بلعيد من جامعة تيزي وزو، تحت عنوان »يزع بالحاكم ما لا يزع بالعالم«، يدور موضوعه في علاقة السياسة باللغة وتبادل الواقع بين السياسة واللغة وخدمة كل منهما للأخرى، في بحث منهجي رصد من خلاله الكاتب هذه العلاقة. شيء من التداخل، بل شيء من التناغم بين التاريخ والسياسة واللغة، وهذا ما نكتشفه في الوهلة الأولى من عنوان الكتاب (... يزع بالحاكم ما لا يزع بالعالم)، واللغة لا يمكن أن تزدهر إلا في ظل حاكم يعرف كيف يسير أوضاع حكمه ويسوس رعيته، ولهذا جاءت مقدمة الكتاب في أول كلمة استهلها المؤلف : » يقول عمر رضي الله عنه : ''تعلموا العربية، فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة''. ويقول أحد الباحثين: ''من لم ينشأ على أن يحب لغة قومه، استخف بتراث أمته واستهان بخصائص قوميته، وأن الغيرة على اللغة واجبة، مثل الغيرة على العرض، فكل إنسان يحمل غريزة الدفاع عن عرضه''. من خلال هذه المقدمة يتضح لنا موضوع الكتاب والحقل الذي يشتغل عليه المؤلف من هذا البحث، حيث يعالج بعض الموضوعات الجديدة وبأفكار جديدة وجريئة في الطرح وتمس قضايا لغوية نعيش أحداثها في وطننا الجزائر كما يقول المؤلف. كما أن الكتاب هو في حد ذاته دعوة لمن يهمه الأمر إلى تحمل المسؤولية في القضية اللغوية التي هي العمود الفقري لاستقرار المجتمع؛ كما يرى المؤلف أنه يؤدي الى نشر الأمان اللغوي عن طريق تعميم استعمال اللغة المشتركة الجامعة المانعة وهي (اللغة العربية). الجانب القديم كما يبرزه المؤلف في كتابه »بعض الموضوعات سبق لها أن رأت النور في بعض المجلات، أو الكتب، كما أن هناك القديم من حيث الطرح أيضا، وهذا ما يجعل العلاقة بين الجديدة والقديمة قائمة واللقاء في إطار المصالح العليا«. أما عن عنوان الكتاب فيقول المؤلف: »... يزع بالحاكم ما لا يزع بالعالم« قياس على قول عثمان بن عفان رضي الله عنه : »إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن«، أي يمنع بالسلطان اقتراف المحارم أكثر مما يمنع بالقرآن... إن العنوان يرمز الى كل من هو في السلطة«. قسم الباحث كتابه الى ستة أقسام؛ القسم الأول عنونه ب»اللغة العربية والإرادة السياسية (من أجل تمكين العربية في جميع المجالات)، وهذا الجزء يحتوي على مقدمة وقسمه إلى عدة مواضيع منها »اللغة الوطنية (الأم) عند الشعوب المتحضرة«، ويستعرض دور اللغة. بل دور الشعوب في تعزيز مكانة لغتها الرسمية »اللغة العربية (الأم) والإرادة السياسية العربية«، اللغة العربية والاستسلام للأمر الواقع، الى جانب »اللغة العربية والنخب الوطنية«، ثم يضع لهذا القسم خاتمة يخلص الى النتيجة المتحصل عليها من خلال هذا الجزء. أما القسم الثاني من الكتاب، فقد تناول فيه : »الحقوق اللغوية للطفل الجزائري ووضع له مقدمة ثم قسمه إلى عدة موضوعات منها »موقع اللغات المستعملة عند الطفل الجزائري«، »متطلبات تأسيس الطفل لغويا«، »توفير الجو اللغوي الصافي« و»الاهتمام بلغة »رياض الأطفال«. القسم الثالث خصه المؤلف لبحث في »علاقة البربر (الأمازيغ) بالعرب، »شواهد الامتزاج والحياة المشتركة« وهو الآخر يحتوي على مقدمة وعدة موضوعات منها »الهوية واللغة«، و»الأمازيغية«، و»اللغة العربية« و»الصراع التكامل« ثم الخاتمة. القسم الرابع من الكتاب بحث فيه المؤلف موضوع »ترجمة معاني القرآن الكريم إلى الأمازيغية«. كما تناول في القسم الخامس »الحركة اللغوية في المغرب الإسلامي الوسيط«.أما القسم السادس والأخير من الكتاب، فتناول فيه الدكتور صالح بلعيد، العمل العربي الموسوعي (من القرن السابع إلى الثاني عشر الهجري).الكتاب من القطع العادي ويتوزع علي 302 صفحة طبع بمطبعة دار هومة - الجزائر .2010