اعتبرت الحكومة إقدام بعض "النقابات" على شن اضرابات واحتجاجات في قطاع الوظيف العمومي محاولة للتشويش على الإجراءات التي اتخذتها مؤخرا لصالح عمال القطاع ووصفت إعلان تلك النقابات تنظيم أيام احتجاجية ب"اضطرابات غير مؤسسة" ومحاولة لاستغلال "براءة الأطفال لأهداف مغرضة"· ففي رد فعل صارم على إعلان بعض النقابات المستقلة للوظيف العمومي شن إضراب لثلاثة أيام ابتداء من اليوم دون أن تذكرها أو تشير إليها بالاسم، اعتبرت الحكومة هذه الخطوة غير شرعية وغير مؤسسة كونها تأتي في ظرف تبذل فيه الدولة جهودا للاستجابة لمطالب عمال الوظيف العمومي، وقال بيان الحكومة "قد لوحظ في الآونة الأخيرة اضطرابات غير مؤسسة في بعض أوساط الوظيفة العمومية أقحم فيها مستعملو المرافق العمومية بل أخطر من ذلك فقد تم استغلال براءة الأطفال لأهداف مغرضة"· وشكك البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الجزائرية في نوايا هؤلاء وأبرز أن هذه الاضطرابات" تحدث في وقت "تبذل فيه الحكومة مجهودات جبارة بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة من أجل عصرنة الدولة وإرساء إدارة تتسم بالحياد وذات أداء أمثل في خدمة المواطن وترقية ثقافة الخدمة العمومية القائمة على مبادئ النزاهة والفعالية والنجاعة والكفاءة"· وأكد المصدر أن جهود الحكومة ترمي إلى تعزيز أسلوب ترشيد الحكم من خلال اعتماد بعض التدابير ومنها المصادقة على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية"، وذكرت في هذا السياق أن هذا القانون كان معلقا لفترة تجاوزت 16 سنة· واستغربت الحكومة من كون الاضطرابات التي عرفها قطاع الوظيف العمومي جاءت لتأجيج الوضع العام في وقت أفرجت فيه الحكومة وشرعت في تطبيق الشبكة الجديدة للأجور "التي تندرج المصادقة عليها في إطار تم التفكير فيه وضبطه بشكل معمق على نحو يعيد الاعتبار للوظيفة العمومية بما يمكنها من استعادة المكانة اللائقة بها في المجتمع"· وأوضحت الحكومة في رد ضمني على لائحة المطالب التي رفعتها تلك النقابات أن "المبادرة الحقيقية لإعادة تأسيس الوظيفة العمومية تتطلب ترتيبا تنظيميا معتبرا وتستدعي بذل مجهودات هامة"، وأضاف أن هذه العملية "الهامة" تستلزم "المصادقة على ازيد من 70 مرسوما نشر جزء منها في الجريدة الرسمية ويتعلق الأمر بشكل اخص بأربعة مراسيم رئاسية تتضمن النظام الجديد لتصنيف ودفع رواتب الموظفين والأعوان العموميين ومرسومين تنفيذيين يكرسان القانون الأساسي الخاص للأسلاك المشتركة إلى جانب سلك العمال المهنيين"· وتحدث البيان عن القوانين الأساسية الخاصة بتطبيق قانون الوظيف العمومي الذي دخل حيز التطبيق مع بداية العام الجاري وأقر زيادات في أجور عمال الإدارة العمومية المقدر عددهم بأكثر من 1.5 مليون عامل وأشار إلى أن "تصور وإعداد أكثر من أربعين قانون أساسي خاص التي من الواجب أن تسير 282 سلكا و478 رتبة هي عملية جارية حاليا بمشاركة الشركاء الاجتماعيين" وأن عددا منها يوجد قيد الدراسة على مستوى مديرية الوظيف العمومي· وأبلغت الحكومة بأن عملية إعداد القوانين الخاصة ليست بالسهلة وأنها معقدة وتقتضي أكبر قدر من العناية "قصد إدماج المبادئ والقواعد المكرسة في القانون الاساسي العام للوظيفة العمومية الجديد مع العلم أن الاطراف المعنية تعكف على استكمالها والانتهاء منها في اقرب الآجال"· وفي انتظار ما سيفضي إليه هذا الترتيب سيتم حسب ما جاء في البيان القيام ب"تحويل انتقالي للرتب الحالية ضمن الشبكة الجديدة للاجور" وبهذا الشإن فإن "مراقبة المديرية العامة للوظيفة العمومية ستتم في وقت لاحق"·وفي هذا الصدد اعتبرت الحكومة أن إحدى "ميزات" هذا الاجراء تتمثل في أنه "سيجعل سائر الموظفين يستفيدون من الرواتب المنبثقة عن الشبكة الجديدة دون انتظار استكمال القوانين الأساسية الخاصة والمصادقة عليها"· وكان رئيس الحكومة السيد عبد العزيز بلخادم أعلن قبل ثلاثة أيام أن 30 نص قانون أساسي من أصل 44 نصا تم إيداعه على مستوى المديرية وأنه تم توجيه تعليمة لصرف الرواتب الجديدة للعمال قبل الانتهاء من دارسة واعتماد كل النصوص· وبحسب بيان الحكومة فإن كل موظفي القطاع سيستفيدون من أجور سيتم حسابها على أساس الشبكة الجديدة ابتداء من أول جانفي 2008 وسيتقاضون مستحقاتهم المتأخرة اعتبارا من بداية العام الجاري· وجددت الحكومة في هذا السياق عزمها "كل العزم على مواصلة مسار إعادة تأسيس الوظيفة العمومية في مصلحة المواطنين الذين ينبغي أن يستفيدوا من خدمات مرفق عمومي يطبعه دوما الأداء الناجع أكثر فأكثر ومن خدمات الموظفين الذين يشكل تحسين ظروفهم الاجتماعية المهنية هدفا أساسيا"· ودعت الحكومة في ختام بيانها الذي يعد الأول من نوعه الذي يصدر بعد سلسلة الاحتجاجات التي نظمتها النقابات المسماة "المستقلة" جميع الأطراف إلى الانضمام إلى مسعى ترقية الوظيفة العمومية والمشاركة في الجهود المبذولة في هذا السياق وأكدت أن "أعداد وتنفيذ هذا المسار يشكلان عملية جماعية تتطلب من كل واحد تقديم مساهمته فيها ضمن روح بناءة وفي كنف الرصانة التي يقتضيها مثل هذا الوضع"، في إشارة واضحة إلى تفضيلها لمنطق الحوار على "أسلوب المواجهة" و"الخروج إلى الشارع" الذي تتبناه حاليا النقابات المستقلة·