سهرة الليلة السادسة عشر من سهرات الشهر الفضيل التي سطرها قصر الثقافة مفدي زكريا كانت بطعم المالوف والفلامنكو، حيث أبدع عملاق المالوف صاحب الكمان الأبيض حمدي بناني في تقديم ألوان تموّجت بين المالوف الكلاسيكي والأندلسي والفلامنكو. فقد ضمت أغانيه الزجل الحوزي والمحجوز، حيث سافر بالحضور الذي جاء بقوة للاستماع إليه والاستمتاع بعذوبة صوته وقوة أدائه الى عوالم كلها جمال جعلت الكثير من عشاقه يهيمون لمدة ثلاث ساعات. حمدي الذي أبدع وسحر الحضور قدم كوكتالا غنائيا من أعماله الجديدة والقديمة منها'' أنا في الهوى''، يا أهل الأندلس'' ،''كحل العين'' ،''يا ضي أعياني''، ''ياوحد الغزيل''، ''شمس العشية'' هذه الأغاني التي شاركه الجمهور في أدائها في جو من الهدوء والتقدير والزغاريد والتصفيقات المتتالية، كما قدم بناني ايضا لمحبيه هدية من العيار الثقيل الذي تمثلت في ديوهات غنائية مع ابنه كمال الذي أبدع مثل والده في كل ما قدمه، بصوته القوي الحاني وتمكنه ايضا من تقديم أعمال مشتركة مع والده حيث رقص الجمهور طويلا على ثنائية ''حرمت بك نعاسي''، '' جاني ما جاني''،'' هياو انزورو'' هذه الأخيرة التي سافرت بعشاق الأغنية القسنطينية الى عوالم مجهولة تترجمها رحلة الرقص على أنغام الجدب، حيث هامت الكثيرات بين ضربات الدف والموسيقى المميزة، اما النهاية فقد كانت من خلال أغنية ''عيون الحبارة'' التي أداها الحضور رفقة حمدي. وحول هذا الحفل قال صاحب الكمان الأبيض في تصريح ل ''المساء'' لقد اخترت للجمهور برنامجا متنوعا اختلف بين المالوف، الحوزي، المحجوز والزنداني، ولا أخفيكم أنني فنان ارتجالي في تقديم الأغاني حيث أتابع طلبات الجمهور لأقدم له ما يحب، فجمهوري هو كنزي وملهمي، فكلما كانت التشجيعات والزغاريد عميقة زدت إبداعا، وحول مشاركة ابني كمال لي في العديد من الثنائيات فهذا امر يعود لأزيد من 15 سنة شاركني فيها الحفلات، وأظن انه قد حان الوقت ليبدأ المشوار لمفرده فقد سبق له تقديم حفلين بمفرده في قسنطينة وأنا شخصيا أرى انه جاهز الآن لتقديم الكثير خاصة انه ماشاء الله صاحب صوت قوي حاني''. وقد أشارت العديد من العائلات التي تحدثنا اليها انها استمتعت كثيرا بالحفل الذي عكس جانبا هاما من التراث الفني الجزائري، في حين أشار إلينا بعض الشباب ممن جاؤوا لمفردهم او رافقوا عائلاتهم أن الحفل كان فرصة ثمينة للتعرف على ما تزخر به الخزانة الثقافية من فنون وعن الصوت المميز لحمدي وكمال بناني ''.