انتقمت المقاومة الفلسطينية سهرة اول أمس للتجاوزات المتواصلة والانتهاكات المستمرة للمستوطنين بتمكنها من قتل أربعة منهم في عملية فدائية جريئة عند مدخل مستوطنة كربات أربعة في مدينة الخليل بالضفة الغربيةالمحتلة. وهاجم فدائيون سيارة كانت تقل أربعة مستوطنين وفتحوا عليهم نيران أسلحتهم في عملية غير مسبوقة منذ سنوات في الضفة الغربية سارعت كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس إلى تبنيها. وقال سامي أبو زهري الناطق باسم حركة حماس أن العملية تعد بمثابة رد فعل عاد على جرائم الاحتلال ودليل على فشل التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال ضد المقاومة الفلسطينية. وإذا كانت العملية جاءت انتقاما لما اقترفه المستوطنون اليهود في مختلف المستوطنات ضد المقدسات الإسلامية وانتهاكاتهم لحرمة منازل المواطنين الفلسطينيين فإن أهميتها تكمن في كونها جاءت عشية انطلاق اول جولة مفاوضات سلام مباشرة منذ قرابة عامين برعاية أمريكية. وسارعت قوات الأمن الإسرائيلية مباشرة بعد تنفيذ العملية إلى شن عمليات تفتيش وملاحقات ضد السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية بدعوى البحث عن منفذي العملية الفدائية. وشنت الشرطة الفلسطينية من جهتها أوسع عملية اعتقال شملت خمسين فلسطينيا من منتسبي حركة حماس في محاولة منها لضبط منفذيها. ووضعت قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية في حالة تاهب قصوى تحسبا لأية تطورات لاحقة وبزعم تخوفات من تنفيذ عمليات مماثلة. ووجد مجلس المستوطنين اليهود في العملية ذريعة مواتية من اجل توجيه دعوة لاستئناف عمليات البناء الاستيطاني في الضفة الغربية وعدم انتظار ال26 من الشهر الجاري تاريخ انتهاء مهلة العشرة أشهر التي أقرتها حكومة الاحتلال بدعوى تشجيع المفاوضات مع الفلسطينيين. وهو الموقف الذي يريد الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو استغلاله بعد أن قرر البقاء في واشنطن لاستئناف المفاوضات المباشرة مع الرئيس محمود عباس والتظاهر أمام الرأي العام الدولي بأنه يبحث فعلا عن السلام مع الفلسطينيين رغم ما حدث وهو في الواقع من اكبر المعادين لسلام تريده إدارة الاحتلال على المقاس. وكانت آخر عملية استشهادية استهدفت مستوطنين تلك التي ضربت مستوطنة ادوميم في شمال الضفة الغربية يوم 30 مارس 2006 وخلفت مصرع أربعة مستوطنين يهود. ولا يستبعد أن تكون لعملية إطلاق النار خلفيات سياسية الهدف منها إفشال مفاوضات السلام المباشرة في العاصمة الأمريكية التي تنطلق بصفة رسمية اليوم بمقر كتابة الدولة الأمريكية وخاصة إذا علمنا أن حركة المقاومة الإسلامية حماس أبدت معارضة صريحة لها وأكدت أنها مجرد لقاءات لا معنى لها. ويبدي الفلسطينيون مخاوف متزايدة من قيام قوات الاحتلال بعمليات انتقامية ضد السكان الفلسطينيين سواء في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية ''حماس'' أو في الضفة الغربية حيث وقعت عملية إطلاق النار. وهي المخاوف التي غذتها تصريحات الوزير الأول الإسرائيلي انطلاقا من العاصمة الأمريكية عندما توعد بان الدم الإسرائيلي لن يبقى دون عقاب وهو ضوء اخضر للآلة العسكرية لتنفيذ أوسع عمليات انتقامية ضد المدنيين الفلسطينيين. ووجد الرئيس الفلسطيني نفسه في حرج كبير واضطر إلى التنديد بالعملية وقال أنها تهدف إلى التشويش على العملية السياسية قبل انطلاقتها. وأصيبت الإدارة الأمريكية من جهتها بصدمة حقيقة على وقع هذه العملية مما جعلها تسارع إلى دعوة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى تأكيد رغبتهم في التوصل إلى اتفاق سلام متفاوض بشأنه.