أقرت جامعة الدول العربية أن وضعية مفاوضات السلام المباشرة التي انطلقت قبل أسبوعين بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحت الرعاية الأمريكية على المحك بسبب قضية الاستيطان التي تبقى تشكل العقبة الرئيسية أمام مواصلة العملية السلمية. في ختام اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول العربية في دورته 134 اول أمس بالقاهرة أكد الوزراء العرب على أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة يشكل عائقا خطيرا أمام تحقيق السلام العادل والشامل الذي يعد الخيار الاستراتيجي في كامل منطقة الشرق الأوسط. وقال عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية إن موضوع ''الاستيطان مهم وحاسم وعاجل وديناميكي لأن استمراره يغير من واقع الأرض على مدار الساعة''. لكن المسؤول العربي دعا إلى إعطاء الفرصة للمفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين رغم المخاوف والشكوك التي تحيط بها نتيجة موقف أو ممارسات إسرائيل التعسفية وقال إن ''القضية الفلسطينية قضيتنا جميعا والتضامن حولها سيكون له دوره الفاعل'' مؤكدا أن ''سياسة هل من مزيد قد انتهت ولن تجدي وأن مصداقية المجتمع الدولى أصبحت على محك خطر''. وكان أعضاء المجلس الوزاري أكدوا في ختام اجتماعهم على ضرورة أن ترتكز هذه المفاوضات على مرجعية عملية السلام وبإطار زمني محدد من منطلق أن عملية السلام عملية شاملة لا يمكن تجزئتها. وأوضحوا في بيانهم الختامي أن النقاش حول الحدود يجب أن يستند على إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 والشروع في قضايا التسوية النهائية للصراع العربي الإسرائيلي وعلى رأسها الاستيطان والقدس واللاجئون والحدود والمياه والانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة. وجاء الموقف العربي مساندا للطرف الفلسطيني فيما يخص رفض الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل ومحاولات الالتفاف على أسس عملية السلام ومرجعياتها وتقويض الحل المتمثل في إقامة الدولتين والقضاء على فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة. وهو ما جعلهم يؤكدون على أن السلام العادل والشامل في المنطقة لا يتحقق إلا من خلال الانسحاب الإسرائيلي الكامل ليس فقط من الأراضي الفلسطينية بل من كافة الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري المحتل حتى حدود الرابع من جوان 1967 ورفض كل أشكال التوطين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدسالشرقية وفقا لما جاء في مبادرة السلام العربية.ويأتي تأكيد العرب على ضرورة وقف الاستيطان لإعطاء فرصة لإنجاح العملية السلمية في وقت جددت فيه إسرائيل أمس عدم نيتها في تمديد مهلة تجميد أنشطتها الاستيطانية بعد تاريخ ال 26 من الشهر الجاري وهو ما يطرح التساؤلات حول مصير هذه المفاوضات بعد انقضاء هذه المهلة. فقد أكد مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته أن ''رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لم يغير من موقفه بشأن هذه القضية'' وأنه ''لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن تمديد مهلة التجميد''. وهو ما جعل مجلس وزراء العرب يطالب مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته بخصوص تسوية القضية الفلسطينية من خلال التحرك لاتخاذ الخطوات والآليات اللازمة لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي بكافة جوانبه وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة على أساس حل الدولتين وفقا لحدود عام 1967 وأحكام القانون الدولي ذات الصلة وقرارات المجلس السابقة في هذا الخصوص. كما دعا المجتمع الدولي للضغط على حكومة الاحتلال من اجل رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر من وإلى القطاع إضافة إلى تفعيل اتفاق المعابر وخاصة بعد أن تحول هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية إلى سجن كبير. مؤكدا في الوقت نفسه على أهمية تحقيق المصالحة الفلسطينية بشكل فوري وبما يحقق المصالح العليا للشعب الفلسطيني. وكانت التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه المنطقة العربية سيطرت على مجريات الجلسة الافتتاحية لمجلس وزراء الخارجية العرب، حيث أكد الأمين العام للجامعة العربية على أن الاجتماع فرصة لبدء دراسة الخيارات العربية إزاء مختلف الاحتمالات فيما يتعلق بالمفاوضات المباشرة خاصة إزاء احتمال استمرار الاستيطان. واستعرض مختلف الأوضاع العربية وأهمية التعاون مع الاتحاد الإفريقي خاصة في ملفات الصومال والسودان وجزر القمر، مشيرا في هذا الإطار إلى أهمية الإعداد الجيد للقمة العربية الإفريقية الثانية. وقال موسى ''إننا نتطلع إلى أن ترسي هذه القمة أسسا وأطرا جديدة لبناء شراكة بين الجانبين تأخذ في الاعتبار المتغيرات التي طرأت على الجانبين والتطورات في طبيعية العلاقات الدولية الراهنة''. كما حذر من خطورة أصوات المتطرفين التي ارتفعت لتؤجج نيران الكراهية بين الأديان والثقافات خاصة ضد الدين الإسلامي الحنيف.