عاد جورج ميتشل الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط على جناح السرعة إلى الأراضي الفلسطينيةالمحتلة في مهمة جديدة لإنقاذ مفاوضات السلام من الانهيار الذي يتهددها بسبب استئناف الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية.وعلى وقع الجرافات الإسرائيلية التي شرعت منذ الثواني الأولى من انتهاء مهلة التجميد في عمليات البناء في تحد واضح للعالم أجمع وصل جورج ميتشل أمس إلى القدسالمحتلة حيث أجرى لقاء أول مع وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك. ومن المقرر أن يلتقي اليوم الموفد الأمريكي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في محاولة لإقناعه بالعدول عن قراره بوقف التجميد والاستجابة لمطالب المجموعة الدولية المنادية بضرورة تمديد تجميد الاستيطان من أجل فتح المجال أمام مواصلة مفاوضات السلام التي انطلقت قبل أقل من شهر بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد جهد أمريكي عسير. وبعدها يتوجه ميتشل إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي فضل أول أمس عدم اتخاذ أي قرار سريع بشأن الانسحاب من المفاوضات أو لا قبل استشارة الدول العربية في الرابع أكتوبر المقبل. والمؤكد أن مهمة ميتشل الذي نجح مرة في حمل الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على الجلوس إلى طاولة حوار واحدة لن تكون سهلة هذه المرة أيضا خاصة وأن الوضع ازداد تعقيدا بمواصلة إسرائيل لاستفزازاتها غير آبهة بأي طرف أو جهة حتى وإن كان الأمر يتعلق بأكبر دولة في العالم. ففي ضربة جديدة لعملية السلام ذكرت صحيفة ''هآرتس'' الإسرائيلية أمس أن قرارا صدر عن المحكمة العليا منذ يومين يتيح للجمعيات الاستيطانية اليمينية الناشطة شرق القدسالمحتلة المباشرة بإجراءات إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح خلال الأيام القليلة المقبلة. وقالت الصحيفة أن قضاة المحكمة أجمعوا في قرارهم على رد اعتراض السكان الفلسطينيين على قرار سابق لمحكمة أدنى بشأن ملكيتهم لقطعة أرض كبيرة في الشق الغربي من حي الشيخ جراح وأقرت بالمقابل لممثلي المستوطنين وكذلك دائرة ما تسمى ''حراسة أملاك الغائبين'' وهيئات أخرى بملكية اليهود لقطعة الأرض. وهو ما يعني بكل بساطة طرد العشرات من العائلات الفلسطينية من منازلها وأرضها والتي ستجد نفسها في العراء بدون مكان يأويها ما دام لا أحد يمكن له مواجهة إسرائيل وإيقافها عند حدها. وتزامن هذا القرار التعسفي في حق الفلسطينيين مع إحيائهم أمس للذكرى العاشرة لانتفاضة الأقصى الثانية التي اندلعت عام 2000 بعدما تجرأ رئيس الوزراء الحي الميت أريال شارون على اقتحام باحة الأقصى الشريف وتدنيسه. وكانت زيارة شارون للمسجد الأقصى الشريف أثارت انتقادات عنيفة وأدت إلى نشوب مواجهات دامية بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال أسفرت عن استشهاد الآلاف من الفلسطينيين إلى يومنا هذا. والمفارقة أنه وبعد عشر سنوات من هذه الانتفاضة لا يزال حال الفلسطينيين نفسه من تقتيل متواصل وتعذيب واعتقالات يومية واستيطان يكاد يقضي على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وتهويد وضع نصب أعينه كل المقدسات الإسلامية وحتى المسيحية على أرض فلسطين التاريخية. وأكثر من ذلك فقد أحيا الفلسطينيون هذه الذكرى بمزيد من الحسرة والألم ليس لأنهم طيلة السنوات الماضية لم يتمكنوا من تحقيق حلمهم في إقامة دولتهم المستقلة بل لأن صفهم تشتت ووحدتهم تفرقت وبيتهم انقسم على نفسه في وقت هو في حاجة ماسة إلى الوحدة والوقوف وقفة رجل واحد لمواجهة المحتل الصهيوني. وفي ذكرى انتفاضة الأقصى أكد إسماعيل هنية رئيس حكومة حركة المقاومة الإسلامية ''حماس'' أن الانتفاضة الثانية قربت الشعب الفلسطيني من النصر والحرية وقال إن الانتفاضة مكنت الفلسطينيين من قطع خطوات كبيرة نحو الاستقلال والنصر. ودعا الشعب الفلسطيني إلى عدم ترك السلاح وعدم وقف المقاومة لأنها حقه الشرعي في الدفاع عن أرضه وحقوقه المغتصبة ما دام الاحتلال متواصل.