هذا يكتبه سوفوكليس، وذاك سوفوكل، وثالث يفضل كتابته وفقا للنطق اليوناني القديم، أي، سوفقليس. والقارىء العربي ضائع بين هذا وذاك، فلا هو يرى من يأخذ بأسباب القاعدة العربية في كتابة الأسماء الأعجمية، أي كتابتها كيفما اتفق، ولا هو يجد من يرشده إلى أفضل السبل في هذا الشأن. والمشكلة تزداد تعقدا حين يتعلق الأمر بتدوين الرياضيات وقواعد الفيزياء وكل ما يتعلق بالعلوم الدقيقة. هذا يترجمها عن الإنجليزية، وذاك عن الفرنسية، وثالث عن الروسية أو الألمانية. والجميع لا يلتقون في آخر المطاف، لكأننا بهم خطوط متوازية يستحيل عليها أن تتلاقى فيما بينها. والناشرون العرب، مشرقا ومغربا، لا ينظرون إلى هذه المشكلة بعين الجد، كما أن العاملين في الحقول اللغوية وفي المجامع التي بدأت تتعدد في هذا العالم العربي، لا يدعون بعضهم البعض إلى توحيد المصطلحات من أجل بلوغ قاعدة مشتركة يتم فيها التعارف بين الكاتب والباحث والقارئ والمجمعي وكل من يعمل في مجال نشر العلوم وتأصيلها في الأرض العربية. الفيلسوف المصري، الدكتور عبد الرحمن بدوي، صاحب المؤلفات العديدة في شؤون الفلسفة، يفضل كتابة (سوفقليس) وفقا للنطق اليوناني غير آبه بغيره من أولئك الذين قاموا بنقل تراجيديات هذا الأديب العبقري إلى اللغة العربية. وهو محق في كتابته هذه بحكم أنه ترجم مسرحيات سوفوكليس عن اليونانية مباشرة، ولم يلجأ إلى الفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية التي ترجمت إليها هذه التراجيديات. ومما يؤسف له هو أن الطريقة التي أخذ بها عبد الرحمن بدوي لم يسايره فيها مترجم أو أديب عربي آخر حين كتب عن سوفوكليس أو ترجم مسرحياته. ومعنى ذلك أنه سار في أرض يباب. والشيء الكثير من هذا القبيل وقع في دنيا النشر. فعلى سبيل المثال لا الحصر، فيزياء الكوانتم، يترجمها البعض ب فيزياء الكموم، أو فيزياء الكم، ولا من فكر في توحيد هذا المصطلح مع أننا اليوم نعيش عصر فيزياء الكوانتم. والبيولوجيا هناك من يترجمها ب (علم الحياة) في حين أن الكثيرين من المترجمين والنقلة يفضلون استخدام كلمة (البيولوجيا) وكذلك الشأن في مختلف العلوم الدقيقة الأخرى التي تدخل ديارنا وعقولنا دون إذن منا. وفي هذه الأثناء يتصايح البعض منددين مستنكرين، باكين شأن اللغة العربية بين أهلها. وهكذا ضاع القارىء العربي بين سوفقليس وسوفوكليس وسوفوكل.