جدد رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان السيد مصطفى فاروق قسنطيني أمس التأكيد على أن المصالحة الوطنية حققت 95 بالمائة من أهدافها، مشيرا إلى بعض المشاكل التي لا زالت تعترض عملية تسوية ملفات ضحايا المأساة الوطنية، والتي يعود بعضها لأسباب بيروقراطية، بينما يستدعي بعضها الآخر، حسبه، تعزيز بنود الميثاق بتشريعات خاصة. وأبرز السيد قسنطيني خلال استضافته في حصة ''سياسة'' للقناة الإذاعية الثالثة، خصوصية مسعى المصالحة الوطنية في الجزائر، الذي يتميز عن غيره من المساعي المماثلة في العالم بكونه تم بين الجزائريين وحدهم، دون تدخل أي وسيط أجنبي، مؤكدا في نفس الوقت بأنه بالرغم من ثقل ملف المأساة الوطنية ومخلفاته إلا أن تطبيق تدابير الميثاق من اجل السلم والمصالحة الوطنية، بعد 5 سنوات من الاستفتاء الشعبي الذي زكى هذا المسعى النبيل، حقق 95 بالمائة من الأهداف المتوخاة من المصالحة الوطنية، ولا سيما منها الهدف الرئيسي المتمثل في عودة السلم المدني في الجزائر، وهزم الإرهاب على المستوى العسكري، من خلال تكثيف عملية مكافحته بالموازاة مع ترك الباب مفتوحا لمن يريد العودة إلى أحضان المجتمع والاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. في حين أشار المتحدث إلى أن ال5 بالمائة من الأهداف المتبقية، تأخر تحقيقها لأسباب بيروقراطية، ولكون بعضها يحتاج إلى نصوص تشريعية خاصة، وذكر السيد قسنطيني قي هذا الإطار إلى بعض الحالات التي تم ''نسيانها عن غير قصد''، مشيرا في هذا الصدد إلى حالة فئات المتضررين ماديا من المأساة الوطنية، على غرار من فقدوا ممتلكاتهم الاجتماعية والاقتصادية، وكذا فئة المواطنين الذين تم اعتقالهم ونقلهم إلى الجنوب الجزائري دون محاكمة، ثم أطلق سراحهم دون تعويض مادي أو معنوي مقدرا عددهم بنحو 18 ألف شخص، إضافة إلى فئة الأطفال الذين ولدوا في الجبال، ''الذين تستدعي حالتهم تشريعات خاصة للتكفل بتسوية وضعيتهم''، كما أدرج المتحدث ضمن هذه الحالات فئة المقاومين الذين وقفوا في وجه الإرهاب ''ويطالبون اليوم بحقهم فقط لا أكثر..''. وبخصوص ملف المفقودين اعتبر رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية أدرج هؤلاء في إطار المأساة الوطنية وخصص لهم تعويضات ملائمة، مذكرا في هذا الصدد بأن السبب الرئيسي في مأساتهم هو الإرهاب وليس الدولة الجزائرية، ''التي قامت بدورها في الدفاع الشرعي عن المواطنين وعن الجمهورية من قبضة الإرهاب الهمجي''. وانتقد المتحدث في سياق متصل المنظمات غير الحكومية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان ''لكنها لا تعمل في شفافية، وتخدم مصالح خارجية''. مشيرا إلى أن بعض هذه المنظمات كانت في وقت سابق وقفت في صف الإرهابيين ضد الشعب الجزائري ودولته''. وردا عن سؤال حول واقع حقوق الإنسان في الجزائر، أكد السيد قسنطيني أن الجزائر قطعت فعلا أشواطا هامة في هذا المجال، معتبرا بأن إصلاح العدالة هو على رأس الأولويات للارتقاء بوضعية حقوق الإنسان في الجزائر. وأعرب بالمناسبة عن أسفه إزاء مسألة محاكمة بعض الأشخاص الذين افطروا في شهر رمضان الماضي، مشيرا إلى أن ''القوانين المعمول بها في الجزائر لا تجرم صراحة مرتكبي مثل هذه الأفعال''. ولدى تطرقه إلى التنسيق القائم بين دول الساحل لمكافحة الإرهاب في المنطقة، أكد المحامي بأن الجزائر مصممة على المضي قدما في استئصال هذه الآفة وقد أبدت استعدادها للتعاون التام مع باقي الدول لإنجاح هذا المسعى، متأسفا في المقابل لكون بعض الدول فضلت الاستمرار في نسف هذه الجهود من خلال تقديمها الدعم غير المباشر للإرهابيين، من خلال دفع الفدية التي تمثل المصدر المتبقى للإرهابيين في الاستمرار في أعمالهم الإجرامية.