تحصي الجزائر 8 آلاف قابلة، توكل لكل واحدة منهن مهمة الإشراف على 800 عملية ولادة كل سنة، في الوقت الذي يصل فيه معدل الولادة السنوية 800 ألف ولادة حية، ما يعني أن كل قابلة تشرف على ألف ولادة، بينما المعدل العالمي المعمول به هو 175 عملية ولادة لكل قابلة سنويا، هذه الوضعية تعكس الظروف الشاقة والمتعبة التي تمارس فيها القابلات الجزائريات مهنتهن، وهي ذات الظروف التي اضطرت الكثيرات منهن للتخلي عن مهنتهن. أبدت ''عقيلة قروش'' رئيسة الاتحاد الوطني للقابلات الجزائريات في منتدى ''المجاهد'' أمس الأول أسفها الشديد من عدم التطبيق الفعلي لتعليمات وزارة الصحة التي اتخذت مسبقا في إطار الارتقاء بمهنة القابلة وإتيانها حقوقها المعنوية والقانونية على السواء، وتساءلت المحاضرة عن السبب وراء تماطل مديرية التكوين والموارد البشرية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لإدراج التكوين في المسار المهني للقابلة التي تواجه خطر ''الاستقالة المعنوية'' من عملها الذي يعتبر عماد صحة الأمومة. نقص التكوين لدى القابلة عائق كبير القابلات الجزائريات مازلن يعانين الأمرين في ممارسة مهنتهن التي جعلت نسبة كبيرة منهن متابعات قضائيا حسب ما أعلنت عنه رئيسة اتحاد القابلات الجزائريات، مشيرة إلى أن إحصائيات الاتحاد تشير إلى أن قابلتين على الأقل متابعتان قضائيا في كل ولاية بسبب ما يسمى بالأخطاء الطبية، وأرجعت المتحدثة هذه الأخطاء إلى الضغوطات المهنية الكثيرة والظروف السيئة التي تعمل القابلات تحت وطأتها، إضافة الى أهم عامل وهو نقص التكوين، ما يولد لدى القابلة ''استقالة معنوية''، تقول رئيسة الاتحاد. وتحدثت رئيسة الاتحاد الوطني للقابلات الجزائريات عن القانون الأساسي للقابلات المتضمن الهيكلة الجديدة لمهنة القابلات، والذي يجعل منها كيانا خاصا ويحدد مسؤولياتها ويرد لها شيئا من الاعتبار المفقود منذ عقود، والذي يحث في إحدى بنوده على أهمية التكوين للقابلة، وهو البند الذي يبقى غير مطبق لحد الساعة لأسباب تبقى مجهولة، أرجعتها رئيسة الاتحاد إلى العراقيل التي تفرضها مديرية التكوين والموارد البشرية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بالرغم من كل التعليمات التي أصدرها الوزراء الثلاثة المتعاقبون على وزارة الصحة منذ 2007 وتشير المتحدثة في هذا الصدد إلى المخاطر التي تتربص بصحة الأمومة مستقبلا، بحيث ستكتفي القابلة بالإشراف على الولادة ووصف أدوية للأم حتى دون معرفة مسبقة بهذه الأدوية ومنافعها ومضارها. مطالب مرفوعة منذ سنوات تنتظر التنفيذ من جهة أخرى ذكرت ''عقيلة قروش'' بالمرسوم التنفيذي 101 - 91 الخاص بتنظيم عمل القابلات الذي يعترف بأن مهنة القابلة تندرج ضمن المهن الطبية، كطب الأسنان والصيدلة، إلا أن الواقع ما يزال يعاكس ما هو مدون على الورق. وتطالب القابلات من جهة أخرى برفع أجورهن التي توصف بالمتدنية، خاصة وأنهن مصنفات في إطار المهن الطبية التي تعطي لممارساتها حق الفحص الطبي وتشخيص المرض، وتحرير وصفات طبية، واتخاذ القرار فيما يتعلق بالتدخلات الاستعجالية والجراحية، إلا أن هيكلة القابلة ذاتها ما تزال في خانة التمريض لا غير، وبعبارة أخرى فإن القابلة من حيث المسؤوليات تصنف كعامل طبي، ومن حيث الحقوق والامتيازات بما فيها الترقيات فإنها توازي التقنيين السامين والممرضين و''هذا غير عادل''، تقول ضيفة المنتدى. جدير بالذكر أن مشروع القانون الخاص بالقابلات يقع في فصلين يحويان 50 مادة، يتم الاعتراف في المادة 28 منه إلى رفع مدة تكوين القابلات من ثلاث سنوات إلى خمسة للارتقاء بخبرة القابلة ومحاربة نقص التكوين المؤدي إلى ارتكاب الأخطاء، على أن يتم تنسيق التكوين مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، كما تقترح القابلات إضافة تخصصات جديدة مثل التخصص في الأشعة وتخفيف الآلام وتهيئة ومتابعة الحمل. وكذلك يقترحن رفع رواتبهن إذ يرين أنها غير مناسبة مقارنة بالمجهود البدني والعصبي الذي يبذلنه، دون إغفال الاستفادة من الترقيات. وتأمل القابلات على لسان رئيسة اتحادهن الوطني أن تتم الاستجابة لمطالبهن الملحة رغم أن عمرها تجاوز السنوات ومعاناتهن تتفاقم يوما بعد يوم.