شهدت نسبة الزواج في الجزائر تزايدا محسوسا خلال الفترة الأخيرة، حيث وصلت العام الماضي إلى 53,9 في الألف، أي بتسجيل حوالي 325 ألف قران، في حين وصل عدد المواليد الجدد الى أكثر من 800 ألف ولادة سنويا، ما يعني أن الجزائر ستواجه "انفجارا سكانيا يطرح مجددا أمر العودة الى سياسة التخطيط العائلي وتنظيم النسل"، حسب الدكتورة قداد مديرة السكان بوزارة الصحة في مداخلتها بمناسبة إحياء اليوم العالمي لموانع الحمل. وحسب المعطيات الإحصائية، فقد بلغ عدد المتزوجين خلال 2008 حوالي 325 ألف. كما أن متوسط سن الزواج في الجزائر بالنسبة للذكور قد شهد تقدما ملحوظا، حيث وصل إلى 33 سنة في 2008 ،أما بالنسبة للإناث فقد ارتفع متوسط سن الزواج الأول بمعدل 5 سنوات في ظرف 20 سنة، ليبلغ 29.3 في 2008. وارتفعت نسبة العزوبية بالنسبة للأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم عتبة الثلاثين، وقدرت نسبة الذكور ب50 بالمائة و34.7 بالمائة بالنسبة للإناث. وبالرغم من التكاليف الباهظة للزواج من غلاء المهور وأزمة السكن والبطالة التي تضرب أوساط الشباب، إلا أن ذلك لم يشكل حاجزا، بدليل تزايد عدد القرانات وما يقابله من ارتفاع مستمر للنمو الديموغرافي ب1.9 ? حاليا، في وقت كان يقدر ب 3.2 ? في 1986 لينخفض الى 1.7 ? نهاية التسعينيات، ما يعني أن المجتمع الجزائري قد يواجه انفجارا حقيقيا في نسبة السكان، وهو ما يطرح بالنسبة للمختصين مشكلة أخرى تتحدد معالمها في تنظيم النسل وتوسيع استعمال موانع الحمل للتحكم أكثر في الأمر، كما يقول الدكتور سعيد كابويا، رئيس الجمعية الجزائرية لتنظيم النسل على هامش إحياء اليوم العالمي لموانع الحمل المنعقد مؤخرا برياض الفتح بالعاصمة. والملاحظ أن هناك بعض التناقضات في الأرقام والتحاليل، ففي الوقت الذي تتحدث فيه الإحصائيات عن ازدياد في عدد القرانات وتزايد في المواليد ما يشكل احتمال مواجهة الجزائر لازمة ديمغرافية جديدة غير تلك التي عرفتها في سنوات الثمانينيات، فإن تحاليل أخرى ترى أن نسبة العنوسة والعزوبية في الجزائر في استمرار مقلق، سببها المشاكل السوسيواقتصادية، وهي مشكلة قد تكون لها عواقب أخلاقية وخيمة تهدد استقرار المجتمع بأكمله، لذلك فإن إنجاز دراسات جدية تجمع كل الأطراف بات أمرا ضروريا لرفع اللبس الذي يشوب هذا الملف بالذات! خاصة اذا علمنا أن 62 ? من الأسر الجزائرية تستعمل إحدى وسائل تنظيم النسل، وان معدل الأطفال في الأسرة الواحدة لا يتجاوز 3 أطفال.
وفيات الأمهات ما تزال تشكل تحديا
وبالعودة الى الأرقام الرسمية، فإن الدكتورة قداد، كشفت في تدخلها أن وفيات الأمهات ما تزال تشكل عقبة في تطور مستوى الصحة العمومية بالجزائر، وأشارت الى تسجيل 88 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية. موضحة أن السلطات الصحية بالجزائر قد رفعت تحديا يقضي بتقليل وفيات الأمهات بمعدل 5.5 ? سنويا في الفترة ما بين 1999 و2015.. علما أن هذا المعدل كان في حدود 40.6 ? عام 1999، وإذا كانت نسبة 96 ? من عمليات الحمل مراقبة إلا ان هناك نسبة معينة من وفيات الأمهات لها صلة مباشرة بمشاكل عمليات التوليد. بالمقابل، فإن وفيات الأطفال تمثل تحديا آخر للصحة العمومية بالجزائر، حيث وصل معدلها في 2002 إلى 34.7 ?، وإلى 30.4 ? في 2005 ليصل إلى 25.5 ? في 2008 لكل 1000 ولادة حية، مع توقع 21.28 ? في 2009 وتحقيق الهدف بالوصول إلى أقل من 20 ? في 2015، غير أن صحة الطفل مربوطة بصفة مباشرة بصحة الأم، ما يعني أن العمل الحقيقي يبقى في ترقية صحة الأم. كما تشير الأرقام إلى أن 80 ? من وفيات الأطفال تسجل لدى المواليد الجدد، في وقت يمثل فيه الخدج 10 ? من مجموع هذه الوفيات، فيما يصل عدد الخدج سنويا إلى 80 ألف ولادة، وتصل نسبة وفيات الأجنة قبل ولادتهم إلى 35.92 ?، والسبب يرجع إلى انعدام المتابعة المتواصلة للحمل. فيما تتلخص أهم أسباب هذه الوفيات في الاختناق، ارتفاع الضغط والتشوهات. وأكدت الدكتورة قداد في معرض حديثها، أن البرامج الوطنية تهدف إلى تخفيض نسبة وفيات الأمهات الحوامل إلى 50 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية خلال السنوات القليلة القادمة، في انتظار القضاء عليها نهائيا.
ارتفاع عدد المواليد
وفيما يتعلق بالتركيبة السكانية، فإن نسبة الشباب تشكل أعلى نسبة وبفارق كبير، حيث تمثل 45 ?، كما ارتفعت عدد الولادات في الجزائر خلال الخمس سنوات الأخيرة بمعدل يقترب من 2 بالمائة، بعد أن عرف تراجعا كبيرا في الفترة ما بين سنة 1996 و2000 . وقدر عدد المواليد الجدد بحوالي 783 ألف ولادة سنويا، في حين وصل عدد الوفيات إلى 153 ألف سنويا. وأشارت الدكتورة في معرض مداخلتها، إلى أن متوسط عدد الأطفال بالنسبة للنساء في سن الإنجاب وصل إلى 9,2 بالمائة في الأوساط الحضرية، مقابل 4,3 بالمائة في التجمعات السكانية المبعثرة. وأفادت أن نسب الولادات عرفت نموا "طبيعيا" نظرا لتراجع نسبة الوفيات عند الولادة. من جهة أخرى، سجل معدل الحياة في الجزائر ارتفاعا مقارنة بالسنوات الماضية، حيث لم يكن يتجاوز 73 سنة في 2002 وبلغ متوسطه 75 سنة في 2008، ويقدر معدل الحياة بالنسبة للجزائريات ب6،77 سنة، في حين لا يتجاوز عند الرجال 74.6 سنة.