تتواصل بوسط العاصمة أشغال تحسين الوجه الخارجي للمدينة، الذي يدخل في إطار ''المخطط الأبيض''، المعلن عنه شهر أوت الماضي والذي خصص له غلاف مالي قدر ب 5 ملايير دينار على أن يجسد في أجل حدد بأربع سنوات. نسبة الأشغال تجري بوتيرة جيدة، حسب أحد المشرفين على هذاالمشروع، الذي سجل أول أهدافه الأساسية المتمثلة في تجسيد تعليمات والي العاصمة، وعلى رأسها تلك القاضية بمنع تركيب الهوائيات المقعّرة ومكيفات التبريد على شرفات البنايات. وحسب مصدر موثوق بولاية الجزائر، فإن هذه الأخيرة حريصة على إنهاء المشروع في أجله المحدد مع متابعة الملف إلى غاية إزالة جميع النقاط السوداء المشوهة للعاصمة، كما تحرص نفس السلطات على أن تشمل أشغال التهيئة والتحسين أهم العمارات المتواجدة بوسط العاصمة وعلى الخصوص بشوارع العربي بن مهيدي، زيغود يوسف، ديدوش مراد، طنجة، مليكة قايد والشوارع المؤدية إلى الساحات كحديقة بور سعيد، البريد المركزي، ممر الذاكرة وساحة الأمير عبد القادر، إلى جانب الوضاءات المحاذية للعمارات كالأرصفة والأشجار، كما تم وضع ميثاق للفضاءات العمومية لتفادي أي تغيير في المستقبل، فيما تم تحديد ثلاثة ألوان اختير منه الأبيض للجدران والرمادي لكل ما هو خشبي والأسود للدرابيز. وقد دخلت هذه التعليمات حيز التنفيذ بالعاصمة التي تم اختيارها كمدينة نموذجية فور صدورها في انتظار تعميمها على المدن الكبرى، بهدف المحافظة على الواجهة العامة للشوارع الكبرى في الجزائر. ففي شارع العربي بن مهيدي الذي انطلقت منه الأشغال الأولى، بدأت ملامح التغيير تظهر على عدد من العمارات، لا سيما منها القريبة من البريد المركزي، حيث لم يعد للهوائيات المقعرة أثر ولا حتى للمكيفات التي تم إزالتها، فيما لا تزال أشغال الترميم والتهيئة على مستوى العمارات الرئيسية الواقعة بمدخل الشارع، والتي أصبحت تثير فضول المارة الذين استحسنوا الوجه الجديد الذي ظهر به الجزء البارز من العمارة المحاذية لمبنى البريد المركزي، حيث استعاد وجهه الأصلي المتميز بنقوشه الجميلة. كما لوحظ اختفاء مكيفات الهواء والهوائيات المقعرة المركّبة على شرفات البنايات المتواجدة بشارع أول نوفمبر بساحة الشهداء، في إطار التعليمة الصادرة عن والي العاصمة محمد الكبير عدو. وفضلا عن السكنات المتواجدة بشارع أول نوفمبر فقد أزيلت كل المكيفات المركّبة على مستوى الهيئات الرسمية على غرار صندوق الضمان الاجتماعي للعمال الأجراء والمنظمة العالمية لمعطوبي حرب التحرير وقباضة الضرائب لساحة الشهداء، وكذا الخزينة العمومية التي ركب بها مكيف مركزي على مستوى الطابق السفلي للبناية. فيما يقوم عدد من أعوان الشرطة رفقة موظفين من بلديات القصبة الجزائر الوسطى وباب الوادي بإشعار المواطنين بضرورة نزع المكيفات الهوائية والهوائيات المقعّرة من شرفاتهم بهدف تحسين الواجهة العامة للعاصمة من جهة، والتقليل من الآثار السلبية الناجمة عنها والمؤثّرة على البيئة بالدرجة الأولى. وكبديل للهوائيات المقعّرة، اتجهت الجزائر مستقبلا نحو اعتماد الهوائيات الجماعية المشتركة ليدفع المواطنون حق الاشتراك عن طريق البطاقة الإلكترونية، شأن شأن الأعباء الخاصة بالكهرباء والغاز. وبخصوص مكيفات التبريد فقد تقرر تعويض تلك الأجهزة المركبة على مستوى الهيئات الرسمية بأجهزة مركزية مشتركة. من جهة أخرى، لقي مشروع تحسين الوجه الخارجي للعاصمة والتعليمات الجديدة التي جاءت ضمن ''المخطط الأبيض''، ردود أفعال متباينة من قبل العاصميين، فبينما يرى بعضهم أنها مشرّفة للعاصمة، مدعمين أقوالهم بمقارنة خفيفة بوضعية شارع العربي بن مهيدي بالجزائر الوسطى قبل أشهر فقط وما هو عليه اليوم، والصورة الحسنة التي أضحت تطبع شارع 1 نوفمبر بساحة الشهداء بعد أن تم التخلص من بعض النقاط السوداء، يرى البعض الآخر أن هذا المشروع رغم منافعه وضرورته لاستعادة الوجه اللائق لمدننا التي أصبحت مشوهة إلى درجة لم يكن يتصورها أحد، فإن التعليمات التي تم إصدارها بخصوص إزالة المكيفات من الشرفات والعمارات لم تأت في وقتها، ويرى هؤلاء انه كان من المفترض إيجاد البدائل قبل الشروع في تجسيد أي تغيير، تفاديا للحرج وربما الضرر الذي قد يلحق بعض الجهات وعلى الخصوص منها المؤسسات. وفي هذا السياق أكد احد المسؤولين بمؤسسة خاصة، أن إزالة المكيفات والتأخر في إيجاد البدائل تسببت في تعطل عدد من الحواسيب بسبب غياب التكييف في مكاتب مؤسسته، خاصة وأن الحرارة كانت مرتفعة للغاية خلال شهر أوت الفارط. ورغم هذه الملاحظات إلا أن الإجماع يؤكد أهمية وضرورة المشروع بالنسبة العاصميين، الذين يتطلعون إلى أن تصبح مدينتهم تضاهي العواصم العالمية. ويعد الاهتمام بتحسين المظهر الخارجي للمدن والأحياء كذلك عبر كامل التراب الوطني، ضمن الاهتمامات الأساسية للدولة وهو يعود إلى سنوات مضت، حيث أكد مدير العمران والبناء بوزارة السكان ل ''المساء''، أنه تم إعداد برنامج خاص بتهيئة الأحياء لإعطائها طابعها الجمالي، حيث سخرت الوزارة في هذا الإطار مبلغا ماليا يقدر ب 330 مليار دينار جزائري لهذه العملية التي انطلقت سنة 2000 وستستمر حسب محدثنا دون انقطاع، لتشمل عدة أحياء بهدف إعادة الوجه الحضاري لها. و أشار بالمناسبة ممثل وزارة السكن، إلى أن من مهام البلديات ضرورة التحسيس والتوعية بضرورة الحفاظ على الجمال الخارجي للأحياء، وذلك بتحضير الشبكة القاعدية للأحياء الجديدة القابلة للتعمير، ويعني هذا أنه لابد من إتمام إنجاز القنوات بمختلف أنواعها، سواء الصرف الصحي أو المياه الصالحة للشرب، وكذا تعبيد وتزفيت الطرقات لضمان تهيئة جيدة للأحياء. وأوضح محدثنا أن تحضير الشبكة القاعدية للأحياء الجديدة التي اشترطت فيها مدة 3 سنوات، خصص لها غلاف مالي يقدر بأزيد من 130 مليار دينار جزائري السنة الماضية، فقبل البناء يجب تهيئة الأحياء.