حمل بيان السياسة العامة ما تم إنجازه في ال18 شهرا الماضية وما هو باق لتحقيقه في السنوات القادمة، وجاء فيه أن الجزائر سعت خلال هذه المدة إلى تدارك العجز الاجتماعي المسجل في سنوات الأزمة بشكل يسمح لها بتكريس موارد التنمية البشرية من خلال البرنامج الخماسي السابق (2005-2009) وبداية تطبيق البرنامج الخماسي الجديد (2010-2014). فبعد أن استطاعت الجزائر أن تقلص من حدة الفراغ الذي خلفه الاستعمار الغاشم في ظروف حياة الجزائريين خلال عشريتين من الاستقلال حيث سجلت تطورا ملحوظا على درب التنمية ومنها التنمية البشرية بصفة خاصة، غير أن هذه الحركية سرعان ما توقفت مع الأسف جراء الأزمة، إلا أنه تم تدارك التأخر خلال العشرية الأخيرة بالنظر إلى الكم الهائل من المشاريع التي تحققت بفضل جهود الدولة التي تستعد خلال برنامج الخماسي الجديد لبلورة مجال التنمية البشرية إلى ترقية أكثر جودة. ولا يختلف اثنان واستنادا إلى الحقائق الملموسة، أن الدولة تمكنت من التخفيف من حدة أزمة السكن بعد تسليم مليون وحدة خلال السنوات الخمس الأخيرة وهي في الواقع قرابة مليوني سكن التي أنجزت خلال العشرية كلها، وقد كانت هذه التطورات مرفوقة بتحسين ظروف الحياة المعاصرة حتى في الأرياف، ووصلت عملية إدخال الكهرباء نسبة 98 وبلغ ربط المنازل بشبكة توزيع الغاز الطبيعي حدود نسبة 47 هذه السنة، كما بلغت نسبة ربط السكنات بشبكة الماء الشروب 93 في حين بلغت هذه النسبة 86 في مجال الربط بشبكة صرف المياه. والأكثر من ذلك فالدولة عازمة على مواصلة سياستها الوطنية في ميدان السكن من خلال برمجة مليوني سكن جديد ستسلم منها 2,1 مليون وحدة في نهاية 2014 في حين ستكون في هذا التاريخ 800.000 وحدة أخرى في طور الإنجاز، فضلا عن برمجة 400.000 وحدة سكنية للقضاء على السكن القصديري دون المساس بحقوق طالبي السكن الاجتماعي الذين برمجت لهم 500.000 وحدة أخرى على مدى السنوات الخمس القادمة. وقد تم إقرار دعم قوي للقروض البنكية لفائدة العائلات الراغبة في بناء أو اقتناء سكن وذلك تكملة لمساهمة مالية للدولة في الكلفة، كما رصد دعم آخر لفائدة مؤسسات الترقية العقارية على مستوى القرض البنكي وسعر إيجار الأراضي وكذا الجباية إلى جانب عرض مشروع تشريع لتنظيم هذا النشاط. وفيما يتعلق بمجال الصحة العمومية، وبالرغم من النقائص المسجلة في الخدمات بمرافق الصحة العمومية وفي عدد الأطباء الأخصائيين القليل وتوزيعهم غير العادل عبر التراب الوطني وأن وفرة الأدوية لا تزال ضعيفة مع ثقل كلفة استيرادها، إلا أن مجهودات لا يمكن الاستهانة بها قد تجسدت على غرار توفير الأسرة للمرضى في المستشفيات التي عرفت زيادة خلال العشرية بقرابة الضعف وكذلك الشأن بالنسبة للأطباء الأخصائيين كما تقلصت نسبة الوفيات لدى الرضع بالثلث. ومع هذه الحقائق فإن سياسة الصحة العمومية ستتواصل مع إقران الاستمرارية بالتحولات خلال السنوات الخمس المقبلة، وستتجسد هذه الاستمرارية في الحفاظ على حق المواطن في العلاج ومجانيته في القطاع العمومي وكذا تعزيز شبكة المرافق الطبية ب1500 إنجاز آخر منها 172 مستشفى و377 عيادة عمومية. وينتظر من قطاع الصحة أن يسجل تحولات جوهرية وجذرية بدءا من تحسين التكفل بالمريض بتعزيز الطاقات البشرية للصحة ولهذا فإن عدد الأطباء الأخصائيين المتخرجين سيصل إلى 11.000 عنصرا خلال الخماسية أي ضعف ما سجل في المرحلة الأخيرة، كما سيتم تدارك العجز المسجل في الأسلاك شبه الطبية بدعم قدرات تكوينهم لنصل إلى 10.000 إطار سنويا قبل ,2014 كما أنه من شأن الأنظمة الجديدة للعلاوات أن تسمح بتحسين المكانة الاجتماعية لجميع هذه الإطارات للدولة. وعلى صعيد آخر، فإن توظيف آلية التسعيرة لترقية الأدوية الجنيسة من شأنه إلى جانب حماية السوق في فائدة الأدوية المنتجة محليا أن يؤدي إلى تخفيض عبء الدفع على صناديق الضمان الاجتماعي وكذا من قيمة استيراد الأدوية، وإن التزايد الحالي لملفات الاستثمار في إنتاج الدواء لهو أحسن شاهد على جدية هذا الخيار المعتمد في هذا المجال وهو تحول عززته الحكومة من خلال دعم المجمع العمومي ''صيدال'' لاستثمار 17 مليار دينار قصد رفع منتوجاته من الأدوية بنسبة 100 على مدى السنوات الخمس المقبلة. وعلى مستوى التربية الوطنية فقد تعمم تمدرس الأطفال البالغين 6 سنوات مع وصول تمدرس البنات من نفس السن إلى قرابة 97 وسمحت الإصلاحات بتحسن النتائج البيداغوجية مع بلوغ نسبة 90 من النجاح في نهاية الطور الأول ونسبة تفوق 60 من النجاح في امتحانات البكالوريا. وبخصوص قطاع التشغيل الذي هو أحد القطاعات التي توليها الدولة عناية خاصة، فقد تم استحداث أزيد من 000,672 منصب شغل خلال السداسي الأول من السنة الجارية مقابل ما يفوق مليون و459 ألف خلال السنة المنصرمة (2009) مثلما أشارت إليه الأرقام الواردة في بيان السياسة العامة للحكومة. وتجلت إرادة الدولة في المساعدة على استحداث مؤسسات مصغرة من قبل الشباب طالبي الشغل لأول مرة عن طريق الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب أو من قبل البطالين بدعم من الصندوق الوطني للتأمين على البطالة، حيث تم كذلك في هذا المسعى الرامي إلى محاربة البطالة اتخاذ إجراءات تحفيزية لفائدة الشباب تتمثل أساسا في توسيع مستوى الاستثمار إلى مبلغ أقصاه 10 ملايين دج ورفع مستوى تخفيض الفوائد الذي قد يصل إلى نسبة 95 بالمائة فيما يخص بعض النشاطات المنتجة. كما تعتبر النشاطات ذات المنفعة العامة من بين الإجراءات الأخرى التي لجأت إليها السلطات العمومية لتقليص معدل البطالة من خلال توفير نشاط لمدة ستة أشهر للمستفيدين منها مما سمح باستحداث أكثر من 400.000 منصب شغل دائم لمدة سنة في 2009 و332.000 منصب آخر خلال السداسي الأول من سنة ,2010 ومكنت جهود الدولة من استحداث 459,1 مليون منصب شغل سنة 2009 وتراجع نسبة البطالة بمعدل 8 بالمائة. وتوحي نتائج السداسي الأول من هذه السنة بتراجع أكثر لنسبة البطالة مع استحداث أزيد من 672.000 منصب شغل منها أكثر من 340.000 عن طريق التوظيف و332.000 منصب شغل دائم في إطار ورشات أشغال المنفعة العامة وذات اليد العاملة المكثفة.