وصلت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس امس، إلى فلسطينالمحتلة ودماء الأبرياء الفلسطينيين لم تجف بعد ونواح الثكالى واليتامى لم تخفت بعد الجريمة الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة·لكن رايس لم تكترث لمعاناة هؤلاء وجاءت تزعم أنها تهدف إلى تفعيل مفاوضات السلام التي وأدتها إسرائيل في مهدها باقترافها لمحرقة حقيقية وبنفس الصورة البشعة التي أزهقت فيها أرواح رضع لم يتعد عمرهم اليومين· وقالت رايس قبل وصولها إلى رام الله بالضفة الغربية لإجراء مباحثات مع الرئيس الفلسطيني ورئيس وزرائه، أنها لا تزال مقتنعة أن طرفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بإمكانهما التوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام الجاري إذا كان الجميع يملك الإرادة· وللعاقل ان يتصور ماهية هذه الإرادة التي تحدثت عنها رئيسة الدبلوماسية الأمريكية وهي لم تحرك ساكنا لوقف آلة الدمار الإسرائيلية التي أتت على الأخضر واليابس في قطاع غزة من تقتيل للأبرياء من الرضع والأطفال والنساء بأبشع الطرق· ولكن هل سيجلس الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى طاولة التفاوض تحت الضغط الأمريكي وهو الذي أعلن قبل يومين مقاطعته لكل اتصالات أو مفاوضات سلام مع إدارة الاحتلال احتجاجا على العملية العسكرية الواسعة النطاق التي شنتها آلة الدمار الإسرائيلية في قطاع غزة وراح ضحيتها 120 شهيدا معظمهم أطفال ونساء وسط صمت عربي ودولي غير مبرر· ولم تجد وزيرة الخارجية الأمريكية حرجا في دعوة الجانبين للإيفاء بالتزاماتهما للتوصل إلى تسوية نهائية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي· وقالت رايس خلال توقفها بالعاصمة المصرية أول محطة لها في جولة جديدة إلى المنطقة أنه يجب ان يكون هناك مسار حقيقي للسلام من خلال إيفاء الطرفين بالتزاماتهما التي تتضمنها خارطة الطريق بطريقة جدية·ولكن عن أي إلتزامات تتحدث المسؤولة الأمريكية في وقت تؤيد فيه واشنطن كل العمليات العسكرية التي تشنها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني بمبرر أنها تدافع عن أمن إسرائيل· موقف جددته رايس بعدما اعتبرت أن إطلاق الصواريخ انطلاقا من قطاع غزة ضد المستوطنات الإسرائيلية يجب أن يتوقف ولا يمكن لأي حكومة إسرائيلية أن تتسامح مع هذا في إشارة واضحة إلى الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية الإسرائيلية ولكنها لم تشر إلى اختلال منطق القوة الذي استعملته إسرائيل ضد الفلسطينيين· وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية بدأت أمس، جولة أخرى إلى المنطقة شكلت القاهرة أولى محطاتها في مسعى للدفع بعملية السلام مجددا نحو الأمام تزامنا مع التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة· ودعت أثناء عقدها ندوة صحفية مشتركة مع نظيرها المصري أحمد أبو الغيظ إلى وقف إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية وألحت على ضرورة مواصلة عملية السلام باعتبارها السبيل لتحقيق استقرار وامن الفلسطينيين· ولم تفوت المسؤولة الأمريكية الفرصة لتحميل حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مسؤولية التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة واعتبرت أن الأزمة الخانقة التي تشهدها غزة بدأت بعدما فرضت حركة حماس سيطرتها الأمنية على القطاع منتصف شهر جوان الماضي· ولكن حركة حماس اعتبرت تصريحات رايس استمرارا للحرب ضدها وضد المقاومة الفلسطينية· وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم الحركة في غزة، أن تصريحات رايس تشكل غطاءً للهدف الحقيقي من زيارتها والمتمثل في التحريض على الحرب واستمرارها ضد حماس والمقاومة على حد سواء· وأضاف أن رايس تسعى من خلال هذه التصريحات إلى إخفاء الجرائم المقترفة من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش ضد الشعب الفلسطيني بعدما أعطى الضوء الأخضر لشن الحرب الاسرائلية ضد غزة·والكل يتذكر الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس بوش إلى منطقة الشرق الأوسط وما تبعها من تصعيد عسكري إسرائيلي غير مسبوق ضد قطاع غزة· والمفارقة أن زيارة كاتبة الدولة الأمريكية إلى المنطقة تزامنت مع مواصلة الطائرات الحربية الإسرائيلية غاراتها على قطاع غزة مخلفة استشهاد فلسطينيين من عناصر المقاومة·