أنهت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس جولة إلى فلسطينالمحتلة، وسط دماء لم تجف وجراح لم تندمل وأحزان لم تنطفئ نيرانها، باحثة عن سلام وسط ركام مادمرته آلة التقتيل الاسرائيلية في عمق مدن قطاع غزة المنكوبة·وراحت رايس تزعم البحث عن هذا السلام التي كانت تصريحاتها الساخنة سببا في إذكاء نيران الحقد الاسرائيلي التي جسدتها باتقان في عملية "الشتاء الساخن" التي اقترفت فيها أبشع جرائم التقتيل ضد المدنيين الفلسطينيين· ويبدو أن رايس وفي سياق مهمتها لإعادة تفعيل عملية السلام تكون قد مارست كل أشكال الضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإرغامه على العودة الى طاولة المفاوضات وفق المنطق والتصورات التي تحددها إدارة الرئيس الأمريكي وبما يرضي إدارة الاحتلال ويخدم المصلحة الاسرائيلية على حساب أدنى الحقوق الاسرائيلية· وتستشف هذه الضغوط من خلال رد مبطن من الرئيس محمود عباس على مقترح تكون رايس قد أرادت أن يقبل به رئيس السلطة وأن يتراجع عن موقفه الرافض لاستئناف أية مفاوضات إلا بشروط· وقال عباس أن المفاوضات يجب أن تستأنف ولكن بعد التوصل الى هدنة مع اسرائيل· وكشف الرئيس الفلسطيني بأن وزيرة الخارجية الأمريكية تعهدت بإيفاد دافيد والش مساعدها المكلف بالشؤون الشرق أوسطية وشمال افريقيا للبدء في مساع بهدف التوصل الى هذه الهدنة·وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرر الأحد الأخير قطع كل اتصالات ومفاوضات مع إدارة الاحتلال احتجاجاً على المجزرة الدموية التي اقترفتها قواتها ضد المدنيين الفلسطينيين· وقال نبيل أبوردينة الناطق باسم الرئيس الفلسطيني أن رايس وعباس اتفقا على العمل سويا من أجل وضع حد للمواجهات· وكانت رايس طالبت الأطراف إلى استئناف فوري لمفاوضات السلام وأكدت أنه رغم العراقيل فإنه مازالت هناك حظوظ للتوصل الى اتفاق سلام قبل نهاية العام الجاري· وتسرب من محيط الرئيس الفلسطيني أن هذا الأخير رفض مقترحاً أمريكيا بعقد قمة بينه وبين الوزير الأول الاسرائيلي إيهود أولمرت تحضره رايس شخصيا من أجل اذابة الجليد بينهما· ويتأكد أن الولاياتالمتحدة لايهمها الدم الفلسطيني المهدور بقدر مايهمها المحافظة على صورة بلدها ومصالحها الاستراتيجية، ولولا ذلك ماكانت عرضت هذا المقترح وأكدت من خلاله عدم إكتراثها لمشاعر الثكالى واليتامى وضحايا المجزرة الأخيرة· وهو نفس الموقف الاسرائيلي الذي أكد عليه أولمرت، وقال أن قوات الاحتلال ستواصل ضرب غزة· بل أنه لم يتأخر في الاقدام على ذلك وقتل فلسطينيين اثنين ساعات بعد مغادرة رايس المنطقة وكان ذلك بمثابة رسالة لها على دعوتها للتوصل إلى هدنة ولكن مع من وبأي ثمن؟