أجمعت الشخصيات التي تناولت الكلمة في ندوة الجزائر الدولية لإحياء الذكرى الخمسين لإصدار اللائحة الأممية 1514 الخاصة بتصفية الاستعمار في العالم أن هذه اللائحة التي شكلت منعرجا في تاريخ الإنسانية مازالت صالحة ليس لأن 16 إقليما في العالم مازالت تحت الهيمنة الاستعمارية ولكن لأن الاستقلال السياسي لا يعني في النهاية الانعتاق التام من نزعة تسلطية لكبار العالم على ضعفائه. وأكد السيد عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن تبني إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة ''شكل تحولا حقيقيا في وجهة منظمة الأممالمتحدة وصالح بينها وبين رسالتها الأصلية المتمثلة في تسخير نفسها لخدمة سائر شعوب العالم''. وأضاف أن ''الاستعمار كان مسعى ممنهجا للقمع ولتدمير مجتمعاتنا ومسخ شخصيتنا واستباحة ثرواتنا'' وهو ما حمل كما أوضح ''الشعوب المستعمرة على بلورة شتى أشكال المقاومة من اجل استرجاع حريتها وكرامتها''. وقال أن الشعب الجزائري كابد شتى أنواع القمع الاستعماري دون أن يثنيه ذلك أبدا عن المقاومة ودون ان يستسلم للواقع الاستعماري'' بل ان ''ثورة الفاتح من نوفمبر جعلت من الجزائر فاعلا أساسيا في صيرورة تحرر الشعوب التاريخية''. واعتبر أن الثورة الجزائرية بما أحدثته من صدى إعلامي ساهمت في تحريك الضمير الإنساني وفضح الاستعمار، كما أن إسهام إعلان الفاتح من نوفمبر في صياغة إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة كان ''إسهاما لا يقدر بثمن''. وأكد أن إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة ''أصدر حكما لا لبس فيه على الاستعمار بالاستناد إلى ما ينص عليه ميثاق الأممالمتحدة ذاته خاصة مادته الأولى التي توكل للمنظمة مهمة إقامة علاقات صداقة بين الأمم تكون قائمة على مبدإ المساواة في الحقوق بين الشعوب وحقها في تقرير مصيرها بنفسها''. وقال أن ''اللائحة 1514 شكلت منعطفا حقيقيا في تطوير الإطار القانوني لحق الشعوب في التحكم في مصيرها'' اطار ''تم إثراؤه بالمصادقة سنة 1970 على إعلان مبادئ القانون الدولي المتصلة بعلاقات الصداقة والتعاون بين الدول الذي يمنع أي إجراء قسري يحول دون ممارسة الحق في تقرير المصير والاستقلال''. وأكد أن هذا الحق يشكل ''أفضل قاعدة قانونية دولية تترجم قيم الحرية والديمقراطية وهو يحمل قيمة المعيار المطلق في القانون من حيث أنه لا يسقط بالتقادم ولا يمكن التصرف فيه وانه ينبغي تنفيذه إلزاما''. وأشار إلى انه ''ينطبق أساسا على الشعب الفلسطيني وشعب الصحراء الغربية اللذين يحق لهما توقع مساندة أقوى وتحركا اشد حزما من المجموعة الدولية لتمكينهما من ممارسة حقهما في التصرف في مصيرهما بكل حرية''. و اجمع بيار غالان الناشط الحقوقي العالمي والصحفي الأمريكي ديفيد اوتاواي الذي ساير حركة التحرر في إفريقيا والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مرورا برئيس اللجنة الإفريقية جون بينغ ووصولا إلى الرؤساء الجنوب إفريقي السابق ثابو مبيكي والزامبي كينيث كواندا والنيجيري اوليسغون اوباسانجو أن طريق التحرر مازال طويلا وان تضافر جهود الجميع يبقى الرهان الوحيد لتحقيق ذلك. وقال غالان رئيس التنسيقية الدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي أن اللائحة كانت بداية نهاية الاستعمار وان سنة 1960 عرفت لوحدها استقلال 17 دولة افريقية قبل أن يفتح الطريق أمام عشرات الدول الأخرى. ولكن غالان اكد أن الشركات الامبريالية التي أخذت مكان الدول الاستعمارية تواطأت مع دول استعمارية مثل إسرائيل والمغرب لمواصلة احتلالها لفلسطين والصحراء الغربية وان بريطانيا واسبانيا تخلتا عن دورهما في إنهاء الاحتلال في هاتين الدولتين وكان يمكن أن تستقل فلسطين في حدود سنة 1967 وان يتوج مسار السلام في الصحراء الغربية بإنهاء معاناة الشعب الصحراوي. ووجه الناشط الحقوق العالمي نداء إلى أحرار العالم من اجل رفض الحصار المفروض على قطاع غزة متهما الأممالمتحدة بالتواطؤ في استمرار هذين الوضعين الشاذين. وهي القناعة التي دافع عنها الصحفي الأمريكي ديفيد اوتاواي الذي أكد على مسيرته الإعلامية في عدد من دول القارة الإفريقية والتي اشتغل منها كمراسل لعدة صحف أمريكية وأكد أن الكفاح مازال متواصلا بقناعة أن تحرر الدول الإفريقية لم يكتمل بمجرد تحقيق استقلاها السياسي. اما عمر موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية فقد أكد أن المناسبة التي احتضنتها عاصمة الثورة والثوار إنما تعد تحذيرا للقوى المهيمنة التي مهما كانت قوتها فإنها تسير عكس صيرورة التاريخ لأن فلسطين لن يتم التخلص منها هكذا وان القدسالشرقية ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية . وطالب موسى كافة دول العالم أن تبادر بالاعتراف بالدولة الفلسطينية كما فعلت البرازيل والأرجنتين قبل أسبوع من اجل الاعتراف بدولة فلسطين وتمكينها من دخول عضوية الأممالمتحدة. وارجع الأمين العام لجامعة الدول العربية حالة القلق التي يعيشها العالم في السنوات الاخيرة الى تحرك الدول الكبرى بعيدا عن الأممالمتحدة بغرض تهميشها وتهميش دور دول العالم الثالث لصالح تحكم عدد قليل منها في القرارات الرئيسية. اما جون بينغ رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي فقد اكد على ضرورة وضع حد لكل أشكال الاستعمار تكريسا للائحة الأممالمتحدة التي قال أن ثورة الجزائر شكلت دفعا قويا لصياغة موادها. وقال بينغ أن هذا المسار التحرري يجب أن يتواصل بنفس الزخم في كل من فلسطينالمحتلة والصحراء الغربية التي توجد ضمن الأقاليم ال16 التي تنتظر استقلالها وتقرير مصيرها. وهي القناعة التي دافعت عنها نفين ثي بينه نائب سابقة لرئيس جمهورية فيتنام ورمز من رموز تحرره التي أكدت أن الدول الاستعمارية لم تتخل عن جشعها بتخليها عن أساليبها التقليدية وتبنت أخرى تماشيا مع طرق استغلال جديدة وسيلتها في ذلك تحكمها في التكنولوجيا والعلاقات التجارية العالمية والتي استغلتها خصيصا من اجل مواصلة نهب خيرات الدول الحديثة العهد بالاستقلال. وتناول الكلمة أيضا الرئيس الجنوب افريقي ثابو امبيكي والزامبي الاسبق كينيث كواندا ورئيس هذه الندوة الرئيس النيجيري السابق اوليسغون اوباسانجو وكذا ممثل الأمين العام الاممي بان كي مون.