طالب الأستاذ الباحث عبد القرفي عيسى في محاضرته التي ألقاها في إطار فعاليات المهرجان الدولي الثاني لفنون الأهقار بتمنراست بضرورة وضع قانون خاص لحماية التراث الطبيعي وأعطى مثالا عن ذلك النباتات النادرة التي تزخر بها حظيرتا الأهقار والطاسيلي والتي يوشك ما تبقى منها على الاندثار وبالتالي فقدان المزيد من ثرواتنا. وأضاف عبد القرفي في مداخلته أنه في حين تم وضع قوانين خاصة بحماية التراث المادي واللامادي ببلدنا، لم يصدر أي قانون حول حماية التراث الطبيعي والنتيجة أن حظيرتيّ الأهقار والطاسيلي تعرفان عمليات ''نهب'' مستمرة للنباتات التي تختص بها هاتان المنطقتان. مؤكدا أن العديد من المخابر الصيدلانية تستولي على هذه الخيرات دون محاسب ودون مراعاة لاندثار هذه النباتات في غياب قانون يردع هذه العمليات ويحافظ على ثروات المحميتيّن. وأكد الباحث على أهمية النهل من ثقافة الأجداد وتطويرها بدلا من التقليد الأعمى للغرب، متسائلا في هذا السياق عن سبب تجاهلنا لتقاليدنا وتراثنا الطبيعي إلى درجة رهيبة وتعالينا عليها في الوقت الذي ننبهر فيه بعلوم الغرب وهذا دون أن نحاول تطوير ذواتنا واستغلال كنوزنا قبل فوات الأوان. واعتبر الباحث أن عملية إنقاذ النباتات والحيوانات بالأهقار والطاسيلي ضرورة ملحة لا مناص منها، مؤكدا على أهمية هذه الثروات خاصة وأنها طورّت جينات مقاومة للحرارة والجفاف بالإضافة إلى أن الكثير من النباتات لا نجدها إلا في هاتين المحميتين. وأعطى عبد القرفي مثالا عن أهمية هذه النباتات التي تملك مورثات لمقاومة الحرارة، حيث قام فريق علمي أمريكي في السبعينات، بأخذ عينات منها لدارستها ومعرفة خباياها، النباتية والطبية. من جهته تحدث الأستاذ الفرنسي اندري بورجوت عن محمية ''أير تينيري'' في النيجر والتي تعد من بين أكبر المحميات الطبيعية في العالم، فقال إن هذه المحمية كانت تسيّر في البداية من طرف الإنجليز الذين لم يهتموا بأهمية الروابط بين المحمية وسكانها، فكانت النتائج غير مرضية لتنتقل مسؤولية تسييرها إلى المتحدث ذاته والذي اهتم بالجانب البيداغوجي للعملية من حيث العمل على تحسيس المواطنين بأهمية الحفاظ على المحمية وتطبيق القوانين الخاصة بها. بالمقابل تحدث الباحث عن المشاكل التي تعترض عمله فذكر منها أن الجمعيات الخاصة بالمحمية لم توضع تحت تصرف الباحثين والعقلاء من سكان هذه المناطق. أما الباحث البوركينابي لودوفيك أوكيبورا فتطرق بدوره إلى موضوع الغابة المصنفة عالميا ''نازينغا''، والتي تعد من أهم غابات بوركينا فاسو، وتضم أكثر من سبعين نوعا من الطيور، علاوة على احتضانها لأنواع كثيرة من النباتات والحيوانات، وتحيط بها ست قرى، مضيفا أنه يتم العمل على تحسيس السكان المجاورين للغابة بأهمية احترام القوانين الخاصة بالصيد وأمور أخرى. للإشارة، تتواصل بتمنراست، فعاليات الطبعة الثانية للمهرجان الدولي الثاني لفنون الأهقار، بتقديم العديد من المحاضرات وكذا العروض المسرحية والسينمائية، علاوة على إحياء حفلات وتنظيم ورشات في شتى المجالات. وقد تم في حفل الافتتاح، تنشيط العديد من الحفلات من إحياء فرق إيشومار ديدلس من برج باجي مختار، بادي لالة من تمنراست، حميد ايكاوال من النيجر وشوغلي من جانت. وقام والي ولاية تمنراست بافتتاح المهرجان الدولي لفنون الأهقار بتمنراست والذي تدوم فعالياته إلى غاية 71من الشهر الجاري، كما ألقى ممثل الوزارة، السيّد مراد بتروني كلمة بالمناسبة ذكّر فيها بأهمية تنظيم محاضرات تهتم بتقاليد وخصوصيات سكان الصحراء وهذا بالموازاة مع الحفلات التي تنظم في هذه التظاهرة.