أكدت الجزائر والبيرو، أمس، عزمهما على تعزيز التعاون الثنائي الذي يقتصر حاليا على مبيعات في مجال الغاز الطبيعي وهذا بغرض توسيعه ليشمل قطاعات أخرى. وجاء ذلك في ختام أشغال الدورة الثالثة لآلية المشاورات السياسية بين البلدين التي ترأسها وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي والوزير البيروفي للعلاقات الخارجية السيد خوسي غارسيا أنطونيو. وصرح الوزير البيروفي للصحافة عقب الدورة أنه ''تم الاتفاق على توفير فضاء تعاون أوسع يجب استكشافه لا سيما وأن البلدين يتقاسمان نفس النظرة للعمل سويا''. وقد تم وضع آلية المشاورات السياسية بين وزارتي الشؤون الخارجية لكلا البلدين بعد التوقيع على اتفاق بمناسبة زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى البيرو في ماي 2005 مما أعطى دفعا جديدا للعلاقات الجزائرية-البيروفية. وأضاف السيد خوسي غارسيا ''إن العلاقات بين بلدينا ممتازة وتعاوننا هام'' مؤكدا أنه على الطرفين ''العمل سويا لتوسيع فضاء التعاون إلى مجالات أخرى على غرار التجارة والاستثمار''. وفي مجال الفلاحة اتفق الطرفان على تشجيع زراعة البطاطس وهو منتوج ''يوفر للبيرو عدة أنواع على مدار السنة''. أما في قطاع المناجم فقد أعرب الوزير البيروفي عن أمله في أن يكون هناك تعاون أكبر في هذا المجال من خلال تواجد مؤسسات جزائرية أخرى في البيرو إلى جانب سوناطراك. وفيما يخص القمة المقبلة العالم العربي-أمريكيا الجنوبية المرتقبة بالعاصمة ليما أعرب ضيف الجزائر عن أمله في أن يضفي هذا اللقاء ''حركية جديدة'' على العلاقات بين المنطقتين وأن يمنح فعالية أكبر للتعاون جنوب-جنوب. وقال المسؤول البيروفي أنه ''بفضل الاستثمارات القائمة بين الجزائر والبيرو نظن أننا وجدنا السبيل الأفضل للتعاون جنوب-جنوب في نطاق أوسع وليس فقط في مجال الدعم التقني''. وأردف قائلا أنه يتعين على الطرفين ''تحقيق المزيد من التبادلات التجارية والاستثمارات وكذا تطوير كيانات ثقافية هامة للتأكيد على اندماج شعوبنا''. وعلى صعيد آخر حيا السيد خوسي غارسيا الإنجازات المسجلة في الجزائر معتبرا أن الحكومة الجزائرية ''قد أثبتت في السنوات الأخيرة قدرتها على الحفاظ على الاستقرار في البلاد موازة مع سعيها إلى تحقيق التنمية الاقتصادية من أجل اندماج اجتماعي أفضل''. ومن جهته، أكد السيد مدلسي أن البلدين أرسيا اليوم ''قواعد متينة'' للمضي قدما في تعاونهما من خلال استغلال قطاعات أخرى لا سيما قطاع المناجم الذي يتوفر على ''إمكانيات هامة''. وأعرب السيد مدلسي عن ارتياح الجانبين ''للعلاقات السياسية الممتازة التي تربط بين الجزائر والبيرو كما نسجل بارتياح أكبر حالة التعاون الاقتصادي الذي يعرف منذ بضع سنوات تقدما مشجعا لا سيما في المجال الطاقوي من خلال مشاركة الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك في مشروع واعد في البيرو''. وتشارك سوناطراك في هذا المشروع (كاميسيا) بنسبة 10 بالمئة في الجانب المتعلق بتطوير وإنتاج الغاز وبنسبة 20 بالمئة في مجالي التمييع والنقل عبر أنابيب الغاز. وأضاف السيد مدلسي''إننا نعمل أيضا على تطوير الأمن الغذائي وتعاوننا في هذا المجال يتمحور حول إنتاج البطاطس''. وعلى صعيد أخر تبادل الطرفان وجهات النظر حول المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتطرقا بشكل خاص إلى الوضع في الشرق الأوسط و مكافحة الإرهاب. وأوضح السيد مدلسي أن البلدين أكدا مجددا على موقفهما المشترك حيال النزاع في الصحراء الغربية، بحيث ألحا على ضرورة السماح للشعب الصحراوي ''بممارسة حقه في تقرير مصيره طبقا للشرعية الدولية واللاوائح السديدة لمجلس الأمن الأممي''. وأردف يقول ''لقد تبادلنا أيضا المعلومات حول القمة الثالثة العربية-الجنوب أمريكية التي ستعقد في فيفري المقبل بالعاصمة ليما وأبرزنا أهمية هذه القمة في تعزيز العلاقات بين المنطقتين''. وذكر الوزير بهذه المناسبة بأنه تقرر خلال القمة الأولى التي انعقدت بالبرازيل بحضور رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إنشاء مكتبة عربية-لاتينية-أمريكية بالجزائر العاصمة التي ''بلغت اليوم أشغالها التقنية مرحلة جد متقدمة''. وخلص السيد مدلسي إلى القول ''إن هذه المكتبة ستشكل لبنة أخرى في علاقات الصداقة والتضامن بين الشعبين العربي والأمريكي اللاتيني''. وكان وزير العلاقات الخارجية لجمهورية البيرو قد أشاد أول أمس بالدور الذي تلعبه الجزائر على المستويين الإقليمي والدولي لاسيما فيما يخص المحافظة على السلم والأمن عبر العالم. وأوضح الوزير البيروفي في تصريح للصحافة لدى وصوله الجزائر ''إننا واعون بالدور الذي تلعبه الجزائر في بعض المسائل التي تكتسي أهمية وحساسية كبيرتين لا سيما في المجالات التي تخص السلم والأمن الدوليين ولكن أيضا في القضاء على جميع أشكال القمع كما هو الأمر في مكافحة التمييز العنصري والابارتايد''. كما أوضح أن ''دور الجزائر قد كان له أثر كبير في الدفاع عن حقوق الشعوب في التنمية'' مذكرا في هذا الصدد بموقف الجزائر في دعم حركات الكفاح من أجل التحرر في العالم. بالإضافة إلى دورها البارز في منطقة المغرب العربي وإفريقيا. وأوضح الوزير البيروفي من جانب آخر أنه يحمل رسالة من الرئيس ألان غارسيا إلى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يدعوه فيها إلى المشاركة في القمة الثالثة بين أمريكا الجنوبية والعالم العربي المزمع تنظيمها في شهر فيفري المقبل بالعاصمة ليما. وخلص إلى القول بأن هذه القمة ''ستسمح بتعزيز التعاون جنوب-جنوب وتطوير مبادلاتنا التجارية بشكل أكبر والعمل على تحقيق استثمارات أهم في كلا المنطقتين''. وقد جرت الدورة الثانية من هذه المشاورات في شهر نوفمبر 2008 بليما، حيث سمحت للجانبين بإجراء عملية تقييم لعلاقات التعاون الثنائية وتبادل لوجهات النظر حول المسائل الدولية ذات الاهتمام المشترك. كما تم بالمناسبة التوقيع على مذكرة تعاون بين المعهد الجزائري للدبلوماسية والعلاقات الدولية والأكاديمية الدبلوماسية للبيرو. وقد أعربت كل من الجزائر والبيرو عن ارتياحهما لنوعية علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين مع التأكيد عن إرادتهما في تطويرها وتعزيزها أكثر. من جانب آخر فإن المبادلات التجارية بين الجزائر والبيرو لم ترق حتى الآن إلى المستوى المأمول ما دام حجم هذه المبادلات لا يزال دون الإمكانيات التي يزخر بها البلدان. لذلك فإن الجانبين قد وقعا اتفاق إطار من أجل ترقية المبادلات الاقتصادية والاستثمارات من أجل تجاوز الإطار الضيق لمبيعات الغاز الطبيعي. كما أن رجال الأعمال البيروفيين قد أبدوا اهتمامهم بالسوق الجزائرية معتبرين أنها تمنح فرصا حقيقية للاستثمار لا سيما في مجال الصناعات الغذائية والفلاحية. في سياق آخر أعرب البلدان في مناسبات عدة عن إرادتهما في توسيع العلاقات الثنائية إلى المجالات العلمية والثقافية من خلال تجسيد مشاريع تعاون بين الجامعات وتوأمة بين المدن الجزائرية والبيروفية. ومن جهة أخرى، استعرض وزير الطاقة والمناجم السيد يوسف يوسفي، أمس، مع نظيره البيروفي للعلاقات الخارجية السيد خوسي غارسيا أنطونيو وضعية العلاقات بين الجزائر والبيرو في مجال المحروقات. وخلال جلسة خص بها السيد يوسفي الوزير البيروفي تطرق الوزيران إلى مشروع تطوير حقل غاز ''كاميزيا'' الذي ينشط فيه المجمع الوطني سوناطراك على مستوى العمليات القبلية (الاستغلال) والبعدية (النقل). وأفاد بيان لوزارة الطاقة والمناجم أنه تم خلال هذا اللقاء كذلك مناقشة إمكانية التعاون في مجال المناجم من خلال تبادل الخبرات في مجال المراقبة والوقاية والبيئة. تبلغ نسبة مشاركة مجمع سوناطراك في مشروع كاميسيا 10 بالمائة في مرحلة التطوير والإنتاج و20 بالمائة في النقل عن طريق أنابيب الغاز.