عرف الاقتصادي غير الرسمي الذي يعد من النتائج المضرة للنمو السكاني والبطالة، تطورا في العديد من الدول سواء الفقيرة منها أو الغنية. وأشارت المنظمة العالمية للتجارة إلى أن انفتاح الاقتصاد العالمي ساهم في النمو الاقتصادي في العالم، لكن دون نمو الشغل المنشود. وأوضح المدير العام للمنظمة السيد باسكال لامي أن ''الاقتصادات غير الرسمية انتشرت في العديد من البلدان، حيث مثل ذلك 50 بالمائة من مناصب الشغل في هذه الدول''. و يتفق الخبراء اليوم على أن وجود قطاع غير رسمي واسع في البلدان السائرة في طريق النمو في العالم يمنع البلدان من الاستفادة من التفتح التجاري. وأكدت دراسة مشتركة أعدتها منظمة العمل الدولية ومنظمة التجارة العالمية سنة 2009 أن نسبة القطاع غير الرسمي تختلف كثيرا من بلد إلى آخر، حيث تتراوح ما بين 30 بالمائة بدول أمريكا اللاتينية وأكثر من 80 بالمائة ببعض الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء وبلدان جنوب شرق آسيا. و يبقى القطاع غير الرسمي مرتفعا في معظم الدول التي مستها الدراسة، حيث عرف ارتفاعا ببعض الدول، لاسيما بإفريقيا وآسيا وحسب المكتب الدولي للعمل فإن الاقتصاد غير الرسمي يشمل 7 بالمائة من الشغل بإفريقيا الواقعة جنوب الصحراء، ويرى المكتب أن عجز الاقتصادات على خلق مناصب الشغل الضرورية لامتصاص اليد العامل يعد احد الأسباب الرئيسية لانتشار الاقتصاد غير الرسمي. ويمثل القطاع غير الرسمي ما بين ربع وثلث الناتج الداخلي الخام ببلدان آسيا وأمريكا اللاتينية وتصل هذه النسبة إلى 16 بالمائة بالدول المتقدمة الأعضاء في منظمة التعاون و التنمية الاقتصادية إلا أن الخصوصيات والأهمية الاقتصادية والاجتماعية لهذا القطاع بإفريقيا تمنحه ميزة خاصة. وأوضح تقرير للمجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية للفترة 2007- 2008 حول مكانة القطاع غير الرسمي في العالم أن حصة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام بلغ 7ر54 بالمائة في إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء (7ر23 بالمائة خارج الزراعة) و 7ر37 بالمائة بشمال إفريقيا (3ر26 بالمائة خارج الزراعة) و 9ر23 بالمائة في آسيا (5ر21 بالمائة خارج الزراعة) و 6ر30 بالمائة بأمريكا اللاتينية (4ر23 بالمائة خارج الزراعة) و 2ر22 بالمائة بمنطقة الكارييبي (7ر19 بالمائة خارج الزراعة) و 7ر21 بالمائة بالاقتصاديات الانتقالية (8ر11 بالمائة خارج الزراعة). وفي منطقة المغرب العربي يوجد القطاع غير الرسمي بكثرة في المدن الكبرى المغربية والجزائرية والتونسية وإن كان ممنوعا رسميا و يتعرض أصحابه لغرامات إلا انه يعد مصدر عيش لملايين من العائلات. وحسب دراسة للمركز المغربي للظرفية حقق القطاع غير الرسمي رقم اعمال ب 28 مليار أورو سنة 2007 ويوفر قيمة مضافة ب11 مليار أورو. و أفاد المركز المغربي للظرفية أنه بين 1999 و2007 وفر القطاع غير الرسمي37 بالمائة من التشغيل غير الفلاحي وساهم في 14 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وأضاف المركز أن نسبة نموه السنوية تقدر ب 5ر6 بالمائة وأنه ينمو بوتيرة أسرع بكثير من وتيرة نمو الاقتصاد المغربي. و بلغ عدد مناصب الشغل التي أحدثها الاقتصاد غير الرسمي أزيد من 2 مليون في 2007 و تسجل نسبة 50 بالمائة من هذه النشاطات في التجارة بمختلف أشكالها. وبغرض الرفع من القدرات الموجودة تسهر الدولة الجزائرية على تقليص حصة الاقتصاد غير الرسمي الذي يضر بحكم طبيعته بالجباية والنمو ويتميز القطاع غير الرسمي بتونس بالتجارة التي تخص البيع غير القانوني للمحروقات. و سمحت عمليات المراقبة التي تمت في 2010 بتسجيل 000,120 مخالفة اقتصادية وحجز 7 ملايين وحدة و رفع 900 طن من المحروقات حسب مصدر رسمي وأبرزت التحاليل حول انعكاس الانفتاح التجاري على حجم الاقتصاد غير الرسمي في إطار دراسة أنجزت بالتنسيق مع منظمة التجارة العالمية والمكتب الدولي للعمل أن آثار هذا الانفتاح على الاقتصاد غير الرسمي يتعلق بشكل وثيق مع الوضع الخاص بكل بلد وتصور السياسات التجارية والداخلية وأظهر التحليل أن الاقتصادات الأكثر تفتحا ليس لها تأثير كبير على التشغيل غير الرسمي. كما بينت الدراسة أنه بقدر ما يكون تأثير القطاع غير الرسمي كبيرا بقدر ما تكون البلدان النامية أكثر عرضة لصدمات مثل الأزمة العالمية الحالية، مضيفة أن التشغيل غير الرسمي يحد من فعالية عوامل الاستقرار الآلية. وتتعلق الانعكاسات الوخيمة للقطاع غير الرسمي أساسا بغياب أرباح الانتاجية والحجم المتوسط للمؤسسات الناجم عن العراقيل التي تعيق نموها جراء الاقتصاد غير الرسمي. وأفادت الدراسة أن الإصلاحات التجارية التي سيتم وضعها وتطبيقها ستكون في صالح التشغيل بشكل يجعل إعادة توزيع مناصب الشغل أكثر ملاءمة مع نمو التشغيل الرسمي.(وأ)