بدأت تتعالى الأصوات الرافضة للمسيرة التي دعت إليها بعض التنظيمات والمقررة السبت القادم بالعاصمة رغم قرار المنع الصادر عن السلطات العمومية بدعوى أن تنظيمها قد يؤدي إلى انزلاقات خطيرة. وسبق هذه الدعوات حدوث بعض الانشقاقات في صفوف التنسيقية المسماة من ''اجل الديمقراطية والتغيير'' بانسحاب أكثر من طرف فيها ومن أبرزها حزب جبهة القوى الاشتراكية والحزب الاشتراكي العمالي إضافة الى بعض التنظيمات الشبانية منها ''راج'' الأمر الذي جعل الكثير من المتتبعين يرون ان تلك التنسيقية فقدت بالفعل كل الأوراق التي تسمح لها ''باستعراض قوتها'' في الميدان بالإضافة إلى قرار حظر المسيرات في العاصمة. وفضلا عن هذا فقد كثرت في الأيام القليلة الأخيرة الأصوات التي تنادي بتجنب تنظيم هذه المسيرة خاصة في هذا الوقت بالذات وهو ما أكده بيان لتنسيقية العروش التي تبرأت من كل من يمثلها في تلك التنسيقية. وبدوره أكد مسؤول بالنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية أمس أن النقابة لن تشارك في تلك المسيرة، وأكد أن الإعلان عن مشاركة النقابة في تلك المسيرة ''لا أساس له من الصحة''. وقال الأمين الوطني المكلف بالإدارة السيد بن يوسف مخانق أن ''النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية لن تشارك في المسيرة التي أعلن عن تنظيمها في ال12 فيفري بالجزائر العاصمة''. وذكر بأن المؤتمر الخامس الذي عقد يومي 25 و26 ماي 2004 بسيدي فرج كان قد انتخب بالأغلبية السيد بلقاسم فلفول أمينا عاما جديدا للنقابة و''هو الوحيد المخول للحديث باسم المنظمة''، مضيفا أن نقابته تعد 400 ألف منخرط. واستقرأت وكالة الأنباء الجزائرية أمس أراء بعض الأحزاب السياسية بخصوص المسيرة وفي هذا السياق أوضح المكلف بالإعلام بحزب جبهة التحرير الوطني السيد قاسة عيسي أن المسيرة ''وسيلة من وسائل التعبير'' غير أنه نبه إلى أن اعتمادها في هذا ''الظرف الهش'' من شأنه أن ''يؤدي الى انزلاقات''. غير أن السيد قاسة اعترف بأن هذا ''لا يعني غياب التذمر وعدم الرضا لدى المواطن ''بشأن العديد من قضايا الحياة اليومية ''كالشغل وقلة السيولة النقدية بمراكز البريد التي يعيشها المواطن الجزائري منذ شهور وغيرها من المشاكل''. وبالمقابل أشار إلى ضرورة ''تثمين'' ما تقوم به الدولة من مجهودات في التكفل بانشغالات المواطن من خلال السكن والعديد من الاحتياجات. واستطرد يقول أن الأطراف التي أرادت أن تقارن الجزائر بتونس ''لا تضطلع بمهام تسييرية'' وترغب في ''الزعامة والإثارة فقط''. أما السيد رمضان تعزيبت عضو المكتب السياسي لحزب العمال فيرى بخصوص ذات الموضوع أنه ''من الطبيعي أن يحدث تحول في سلم أولويات المواطن الجزائري بعد استرجاع السلم والأمن والطمأنينة''. وقال أن قضية الحريات والمظاهرات السلمية ''مطروحة في الجزائر في الوقت الحالي ويجب التعامل معها بذكاء'' وأضاف ان الجزائر في هذا الظرف ''ينبغي أن تعيش نوعا من التنفيس ولا يوجد أي مبرر لخشية الدولة من شعبها''. وبخصوص نفس الانشغال يرى الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي السيد ميلود شرفي أن هناك احتجاجات ''مشروعة'' والديمقراطية التي تعد ''مكسبا لا تعني التخريب''، مؤكدا ''شرعية المسيرات اذا تمت في إطار القوانين التي تحكم البلاد''. وبدوره يرى المكلف بالإعلام بحركة مجتمع السلم السيد محمد جمعة أن المسيرات تعتبر ''من مكونات التعبير الديمقراطي عندما تجري في الأطر القانونية'' غير ان حزبه ''لا يحبذ في الوقت الراهن اللجوء الى الشارع بل يفضل الحوار'' على حد تعبيره. وجدد الحزب في بيان له أمس موقفه ب''عدم المشاركة في المسيرة وعدم تحمل مسؤولية المبادرات الفردية مع احترام القوى السياسية والاجتماعية في التعبير بمختلف الوسائل الحضارية بما فيها المسيرات بشكل سلمي دون الإخلال بالأمن العام''. ودعا الحكومة إلى الإسراع بإطلاق ما أسمته ب''إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية جادة وعميقة تلبي مطالب مختلف القوى السياسية والاجتماعية''. أمّا السيد موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية فيربط تنظيم المسيرات ب''رفع حالة الطوارئ وإنهاء حالة استثناء الجزائر العاصمة من تنظيمها'' وأكد على ''وجوب تحمل المبادرين بتنظيم مسيرات مسؤولية ضمان عدم المساس بالممتلكات العمومية والخاصة''.