دخلت قضية سوق اللحوم الجديد بالحراش أروقة المحاكم بعد معاناة التجار البالغ عددهم 50 تاجرا بالسوق الجديد، وعدم تلقيهم تعويضاتهم عن الشهور التي لم يعملوا خلالها حسب الاتفاق المبرم بينهم وبين بلدية الحراش ومؤسسة مترو الجزائر، وقد قرر التجار رفع دعوى قضائية ضد المجلس الشعبي البلدي وتحميله مسؤولية تردي الأوضاع بسوق اللحوم، الأمر الذي أحال 40 تاجرا من بين 50 على البطالة لعدم توفر الظروف الملائمة للعمل. وبعد مشاورات ومحاولات مكثفة لإقناع مسؤولي بلدية الحراش بضرورة حل مشكل سوق اللحوم الجديد بشارع مليكة قايد من خلال إعادة تهيئته بشكل يتلاءم وطبيعة النشاط الذي يمارسه تجار اللحوم، والتي تتطلب تهوية أكبر بالإضافة إلى استكمال التعويضات المتفق عليها من قبل والتي لم يتلق منها التجار سوى تسعة أشهر من ضمن 18شهرا المتفق عليها مع السلطات. وحسب مفوض من لجنة تجار سوق اللحوم بالحراش السيد مصطفى.م فإن أوضاعهم تتدهور يوما بعد يوم، خاصة بعد أن قرر التجار وقف العمل بالسوق الجديد نظرا للخسائر الكبيرة التي يتكبدونها يوميا جراء غياب التهوية والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، الأمر الذي أدى إلى تلف سلعهم بسبب الضغط الكبير المسجل من قبل المحلات التي يستعمل أصحابها تجهيزات تبريد ذات طاقة عالية، بالإضافة إلى المكيفات الهوائية لتخفيف الاختناق داخل السوق. وما زاد من متاعب التجار تلقيهم فواتير الكهرباء والغاز بأسعار خيالية، في وقت تشهد فيه الحركة التجارية بالسوق الجديد ركودا وتراجعا جراء عزوف المواطنين عن التوجه إلى الموقع المحاذي لسوق بومعطي، والمعروف بانتشار السرقات والتجارة الفوضوية، بالإضافة إلى الروائح الكريهة المنبعثة من داخل السوق الذي يفتقر إلى التهوية. وكانت مؤسسة مترو الجزائر وهي الشركة المنجزة لسوق اللحوم الجديد بالحراش قد وعدت عشية افتتاح السوق في جويلية من السنة الماضية بإعادة هيكلته وتدارك نقائص الإنجاز المسجلة به، والتي احتج عليها التجار الذين عبروا عن تذمرهم من الوضعية التي يعملون بها والتي أضحت تشكل مشكلا كبيرا يهدد صحة وسلامة المستهلكين الذين يترددون على التسوق به، وذلك بسبب الروائح المنبعثة من المحلات ومن المبردات والمجمدات التابعة للتجار الذين لم يخفوا تعرض سلعهم إلى التلف السريع بسبب ضيق المكان وانعدام منافذ للتهوية، بالإضافة إلى انعدام المياه والانقطاع المتكرر للكهرباء، غير أن وعود الشركة سرعان ما ذهبت أدراج الرياح، إذ اكتفت بفتح باب آخر بالسوق الأمر الذي لم يستسغه التجار. وفي خضم هذه المشاكل يصطدم زبائن سوق اللحوم الجديد بالحراش بمحلات شاغرة ومغلقة سوى من بضع تجار دفعتهم الحاجة إلى الاستمرار مرغمين لضمان قوت عائلاتهم، فيما يضطر المتسوقون إلى اقتناء حاجياتهم من الأسواق والقصابات المنتشرة بوسط المدينة مقابل فارق في الأسعار يتجاوز ال300 دج في الكلغ الواحد، وفي انتظار الجديد يأمل التجار في أن يجد الوالي المنتدب لمقاطعة الحراش حلا للقضية، وذلك في اللقاء المتوقع عقده مع التجار خلال الأسبوع الجاري. وقد كلف مشروع إنجاز السوق الجديد أزيد من عشرة ملايير سنتيم من ميزانية البلدية والولاية، ويحتوي السوق على 50محلا موصلة بقنوات الماء والغاز والكهرباء، كما تم اختيار موقع استراتيجي للسوق بحي مليكة قايد بمحاذاة منطقة بومعطي المعروفة بتنوع أسواقها، حيث احتل السوق مساحة هامة من موقع المكاتب التقنية التي كانت تشغلها مصالح البلدية التي حولت إلى مقر البلدية الحالي ومواقع أخرى. للعلم تحول السوق الجديد إلى سوق للأشباح بعد أن هجره جميع التجار، والذين علقوا عليه كل آمالهم بعد توقف عن العمل دام سنة كاملة إثر غلق سوقهم القديم بسبب أشغال مشروع تمديد ''المترو'' من حي البدر نحو بلدية الحراش، والذي تسبب في القضاء على العديد من المنشآت الحيوية على غرار سوق الجزارين ''جلماني محمد للحوم'' بحي عيسات إيدير بقلب الحراش، إلى جانب منشآت وملكيات عمومية أخرى، وكانت تخوفات قد انتابت تجار بلدية الحراش الذين احتجوا كثيرا بشأن سوقهم الذي ظلوا يزاولون فيه نشاطهم منذ العهد الاستعماري، كما أنه كان يمثل فضاء استراتيجيا لمواطني الحراش الذين اعتادوا على اقتناء حاجياتهم منه لفترة طويلة، وعرف هذا السوق مراحل عديدة، حيث كان مدمجا بمسمكة الحراش في السبعينيات، ثم حوله تجاره إلى خيم مؤقتة في الثمانينيات، قبل أن يستقروا نهائيا بالسوق الجديد وكان ذلك في ،1990 ليفاجأوا بقرار إزالته.