تعرف المكتبات الجوارية ببلديات العاصمة وضعيات متباينة، حيث يقتصر نشاط البعض منها على عرض الكتب ومختلف العناوين لمطالعتها من قبل التلاميذ وطلبة الجامعات، بينما يبقى النشاط الثقافي والتربوي عاجزا عن استقطاب مختلف شرائح المجتمع، خاصة فئة الشباب الذين لم يسعفهم الحظ في مواصلة الدراسة، ومن هم بحاجة إلى التأطير النفسي والاجتماعي. وفي هذا السياق، تطرح الأسرة التربوية والثقافية من أساتذة وأولياء التلاميذ، الكثير من التساؤلات حول الدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه المكتبات الجوارية حاليا، وذلك في ظل تسييرها من قبل السلطات المحلية واعتمادها على هبات مديرية الثقافة لولاية الجزائر من اجل التجهيز والتزود بالمراجع، إذ يقتصر دور هذه المكتبات - حسب تصريحات بعض المهتمين ل ''المساء''- على توفير عدد محدود من الكتب وقاعات للمطالعة والإعلام الآلي لبعض التلاميذ، في ظل غياب التأطير البشري كما ونوعا، دون السعي الى استقطاب فئات أخرى من المجتمع، كالشباب، من اجل توعيتهم والتواصل معهم وتنظيم أنشطة ثقافية وندوات فكرية. وقد اتضح ل''المساء'' من خلال جولة ميدانية إلى مختلف مكتبات بلديات شرق العاصمة، أن هذه الأخيرة تعاني من عدة نقائص، كما أن عدد روادها محدود، رغم بعض الإمكانيات المتوفرة من عتاد بيداغوجي وتجهيزات، وهذا بسبب افتقارها الى النشاطات الثقافية والتربوية بصفة دورية وغياب تنظيم لقاءات مع الشباب لتحسيسهم وتأطيرهم خلال العطل. من جهتهم، يرجع القائمون على هذه المكتبات هذا الواقع الى عدم استقلاليتها من الجانب الإداري، التنظيمي وحتى المالي، الذي يرتبط غالبا بالميزانية المحلية للبلديات، وهو ما يبقي عمل هذه المكتبات بعيدا عن التطلعات المستقبلية للشباب، الذين يطالبون الجهات المعنية، بتنظيم وتفعيل عمل هذه المكتبات جواريا وتدعيم الجانب البشري والمادي وتحديد مهام هذه المرافق الضرورية. وفيما نظمت مكتبة رشيد كواش بباب الوادي عددا من الأبواب المفتوحة حول التكوين المهني والتشغيل، تبرز المكتبة البلدية للدار البيضاء كنموذج يقتدى به، حيث توفر أكثر من20 الف كتاب في مختلف المجالات لنحو ألف منخرط، كما تقترح مديرة المكتبة السيدة عبد الرحمان نجاة على سكان البلدية وما جاورها، إمكانية التكوين في مجال الإعلام الآلي كالمكتبية والصيانة، في انتظار إعادة الروح لفضاء الأنترنت عن قريب، كما تحتضن المكتبة لقاءات وندوات فكرية في كل مناسبة. مكتبات جوارية جاهزة وأخرى في طور الإنجاز وفي المقابل، يعرف قطاع الثقافة على مستوى العاصمة انتعاشا فيما يتعلق بالمرافق الثقافية، حيث تشهد مشاريع المكتبات الجوارية التي يجري انجازها تقدما عبر العديد من البلديات، كما سيتم استلام عدد منها مثل المكتبة الجوارية لبلدية المرسى الجاهزة منذ أكثر من سنة، لكنها تبقى هيكلا بلا روح لحد الآن، رغم الحاجة الملحة إلى التأطير التربوي والثقافي لأبناء المنطقة، خاصة بعد تخصيص السلطات المحلية مبلغ 30 مليون سنتيم لتجهيز المكتبة، في انتظار فتح أبوابها قريبا، وهو ما ينطبق أيضا على مكتبة بلدية هراوة التي استكملت بعد تأخر دام أكثر من ثلاث سنوات، والتي تنتظر هي الأخرى استغلالها قريبا. من جهتهم، ينتظر أبناء المرادية الاستفادة من المكتبة الجوارية بنهج ''بورجي'' التي اكتملت بها الأشغال نهاية السنة الماضية، حيث سطر القائمون عليها أنشطة متنوعة منها المسرح، التصوير، علم الفلك، والتي ستنطلق بعد استلامها في إطار تفعيل نشاطها الجواري. كما ينتظر استلام مكتبات أخرى خلال السنة الجارية أو السنة المقبلة على أقصى تقدير، كمكتبة عين طاية التي انطلقت بها الأشغال مؤخرا بعد طول انتظار، لتكون مرفقا ثقافيا هاما بالقرب من المركز الثقافي وسط المدينة. وستنطلق قريبا الأشغال بمكتبة بولوغين بحي زغارة، بعد أن استرجعت السلطات المحلية الأرضية، التي كانت موقعا للبيوت القصديرية بعد ترحيل العائلات المقيمة بها. بلدية المدنية استفادت هي الأخرى من مشروع المكتبة بحي المنظر الجميل بالقرب من مقر البلدية القديم، في حين استفادت بلدية الرايس حميدو من أكثر من ملياري سنتيم لتجسيد نفس المشروع، هو حاليا في طور الإنجاز، فضلا عن مشروع إنجاز مكتبتين جواريتين ببئر خادم على مستوى حي زونكا وتيقصراين، بينما تشهد أشغال إنجاز مكتبة بالرغاية تقدما بنسبة 60 بالمئة، حيث يرتقب استلامها خلال الدخول المدرسي المقبل، ليبقى مشروع بلدية القبة المتعلق بإنجاز مكتبة في كل مدرسة خطوة فعالة لتقريب الكتاب من التلميذ. وفي انتظار تجسيد مرافق ثقافية أخرى عبر الأحياء ذات الكثافة السكانية المرتفعة ببلديات العاشور، الشراقة، دالي ابراهيم ودرقانة، يظل تفعيل المكتبات الجوارية أمرا هاما ومطلبا ملحا-.