بهدف خلق نوع جديد من تقاليد التعامل والتواصل بين الناشرين والإعلاميين، نظّمت أوّل أمس النقابة الوطنية لناشري الكتب ورشة تفكير وعمل حول موضوع "النشر والإعلام في الجزائر: نحو شراكة ثقافية"، احتضنتها المكتبة الوطنية الجزائرية بالحامة على هامش الطبعة السابعة للصالون الوطني للكتاب· الورشة التي جمعت بعض ناشري الكتب والإعلاميين خاصة الذين ينشطون في الميدان الثقافي شكّلت مناسبة للوقوف عند واقع العلاقة التي تربط الناشرين الجزائريين بالإعلاميين، والذي يميّزه نقص الاتصال وهيمنة الأفكار المسبقة، وهو ما أكّده السيد محمد الطاهر قرفي رئيس النقابة الوطنية لناشري الكتب، حيث أشار إلى أنّ من بين هذه الخلفيات نظرة الصحفي للناشر على أنّه تاجر، ونظرة الناشر للإعلامي على أنّه لا مبال· وأضاف قرفي بأنّ هذه الورشة الهدف منها تقريب وجهات النظر بين طرفين ينتميان على نفس الأسرة ويعملان على ترقية ثقافة الكتاب، وأشار في ردّه على سؤال "المساء" حول القسط الذي توجّهه دور النشر للترويج لإصداراتها والموجّه للإعلام ردّ قرفي بالقول أنّ الناشرين المحترفين يخصّصون 50 نسخة عن كل عنوان يصدر عنه ألف نسخة، مضيفا أنّ "الناشرين الذين تعتبر مهمّتهم الأساسية ترقية المنتوج يفتقدون التجربة والتكوين، وعليهم التقرّب أكثر من الصحافة للتعريف بمنتوجاتهم وترقية الكتاب والنشر في الجزائر"· وهو السياق الذي ذهب إليه الأستاذ فضيل بومالة منشّط الورشة، إذ أكّد أنّ "الهدف من الورشة هو التفكير في الوسائل والطرق الكفيلة بإقامة شراكة ثقافية بين الصحافيين و الناشرين"، مبرزا بهذه المناسبة "الدور الهام جدا" الذي تلعبه وسائل الإعلام في ترقية الكتاب، وأكّد بومالة أنّ "وسائل الإعلام سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو سمعية بصرية أو الكترونية ضرورية للتعريف بالمراجع خاصة آخر الإصدارات، لأنّ الجامعة لم تعد تصنع النخبة بل انتقلت المهمة إلى وسائل الإعلام مهما كان نوعها أو شكلها أو اتجاهها"· وحاول ممثلو بعض دور النشر خلال هذه الورشة أن يتّخذوا من الإعلام المشجب الذي يعلّقون عليه إخفاقاتهم وعدم تحكّمهم في الاتصال، حيث أشاروا إلى أنّ صحفيي الأقسام الثقافية لا يسعون إلى الحصول على الإصدارات الجديدة وإذا ما تحصّلوا على نسخ من المصنّف فإنّهم لا يقدّمونه للقارئ وهو الاتهام الذي رفضه الإعلاميون لأنّ الواقع يقول عكس ذلك، إذ كثيرا ما يقابل الصحفي بالمنطق التجاري للناشر الذي يختلق الحجج في كلّ مرة يطلب فيه الصحفي جديد الإصدارات· ويؤكّد الإعلاميون في هذا السياق أنّ من بين واجبات الناشرين الترويج لإصداراتهم، ولا يعقل أن "يهرول" الصحفي وراء الناشر للحصول على كتاب، خاصة في غياب مكلّفين بالإعلام والاتصال في مختلف دور النشر، وإذا وجدوا فإنّ أغلبهم "إلاّ من رحم ربي" لا يعرفون الصحفيين العاملين بالأقسام الثقافية واعمالهم مبنية على الانتقائية واللامبالاة · الورشة عرفت الكثير من الصراحة وسلّطت الضوء على مكامن الجرح، وأكّد السيد محمد الطاهر قرفي في الأخير أنّه سيعمل في المستقبل القريب جدّا على تحسيس الناشرين بضرورة التواصل مع الإعلاميين وكذا تخصيص فضاءات للّقاء، علاوة على إنشاء موقع إلكتروني للتواصل بين عالمي النشر والإعلام·