تحويل النفايات إلى قطع للديكور هي فكرة مميزة سطعت منذ خمس سنوات في رأس السيد عبد الكريم رميلة، الذي أزعجته النفايات التي تكاد تحتل عدة مناطق في غياب الحس البيئي، فتدبر لها الحل من خلال إقحام بعض الأنواع منها في مجال أشغاله الفنية. هو خطاط من ولاية بجاية.. لكن الوجه السياحي للمنطقة التي يقطن بها سَحره وحمله على زيادة جرعة إبداعه.. ولأن عين الفنان تعشق الجمال، فإنه ليس من الغريب أن يزعجها مشهد النفايات المتناثرة هنا وهناك... وأخيرا اهتدى إلى طريقة الرسكلة ليمسح بفنه بقع القذارة التي تلطخ صورة الطبيعة الجميلة. وعلى هذا النحو بدأ يمارس عملا فنيا يجمع بين الرسكلة والابتكار بالاعتماد على يد حرفية تمارس حرفة الكتابة.. يقول: ''أستغل كل النفايات المصنوعة بالبلاستيك أو المعادن، لاسيما منها القوارير التي صار الجيران يسلمونها لي بدل رميها، أملا في الحفاظ على البيئة. وبعد أن يجمع السيد عبد الكريم رميلة أعدادا هائلة من مواد البلاستيك والمعادن يسقط عليها روح الفن ليترك عليها لمسات إبداعية تحولها إلى قطع ولوحات ومرايا للديكور، عساه يتيح بذلك في منطقته محيطا طبيعيا نظيفا ما أحوجنا إليه، وهو ما خول له الحصول على الجائزة الثانية في مسابقة وطنية نظمتها الوكالة الوطنية للنفايات بالتعاون مع مدرسة الفنون الجميلة سنة .2008 فن رسكلة النفايات وتحويلها إلى قطع فنية لا يتوقف عند حدود إعطاء وجه نظيف للبيئة، إنما يمتد إلى تقديم صورة واضحة عن التقاليد لجذب انتباه الأجانب الذين يتوافدون كثيرا على بجاية لاسيما في موسم الاصطياف، وبالتالي دفعهم إلى اكتشاف الحرف التقليدية. ولهذه الأسباب تحمل القطع التي يصنعها هذا الفنان، كما تجلى لنا من خلال زيارتنا لمعرض الإنتاج الأسري، رموزا بربرية تختصر الماضي العريق.. بل وتعكس بعض أوجه ذكاء المرأة القبائلية التي استخدمت الرمزية في توصيل رسائلها في زمن الكبت الذي كانت تعاني منه النساء عموما تحت وطأة بعض التقاليد. فعندما ننظر إلى ما ينتجه الفنان عبد الكريم رميلة، يبدو وكأننا أمام قطع فضية تحمل بين طياتها الهوية.. ومن ذلك ''كلمة السر'' التي كانت تتداولها الأم مع الابنة المتزوجة، حيث كانت هذه الأخيرة تكشف عن مدى ارتياحها أو عدمه في بيتها الزوجي من خلال رموز تنقشها على الصحن الذي تقدم فيه الطعام للوالدة. شموع وصناديق مجوهرات وابتكارات أخرى غير مألوفة تعبر باختلافها عن رؤى تتأرجح بين الماضي والحاضر والمستقبل... هو إبداع جديد يبدو أنه تدبر الحل لنفايات الثورة الصناعية، لكنه بحاجة لأن يرى النور على مدار أيام السنة، حتى لا يبقى اكتشاف منتجاته المجسدة يدويا محصورا في فترات تنظيم المعارض وخلال الموسم الصيفي، حيث يكثر توافد السواح.. ولهذا يطمح الخطاط الحرفي عبد الكريم رميلة لأن يخرج فنه للقاء جمهور أوسع من خلال متحف فني يبرز كيف تتحول النفايات إلى تحف تحتضن التراث؟