لقد كانت الثورة التحريرية المجيدة التي خاضها الشعب الجزائري ضد الاستعمار والطغيان ثورة شعبية المنبع والدوافع، وهي ثورة شرفت العرب والأفارقة والعالم الثالث عموما وكانت مثالا يقتدى به لدى سائر حركات التحرر وهذا هو في الحقيقة سرّ هيلمانها وسرمديتها. ومن يعرف طباع المواطن الجزائري الأصيل يعرف أنه انسان شهم كريم لا يتنازل عن كرامته، يملك عزة نفس وثقة في قدراته وبالتالي لا ينقاد لتلبية نوازع المتآمرين وحيل المناورين. الجزائري بطبعه لا يتحمل أن ينتقص أحد مهما كان من ذكائه ولا من قدراته، يعرف تقدير المواقف والحكم على الرجال، ومتى يثور ومتى لا يثور، ومتى يسامح ومتى لا يسامح، ومتى يعذر ومتى لا يعذر. الجزائري الذي فطم على الثورة منذ أن وجد على الكرة الأرضية، يمارس الثورة حتى مع نفسه ومع عائلته ومحيطه وفي سلوكاته اليومية لذا فمن غير الممكن أن ينزل هكذا ببساطة إلى مرتبة المراهقين في السياسة ومتقنصي الفرص لأنه حينما ينظر إلى ما حواليه يعرف أن الجزائر قلب دافئ كبير يحتضن أبناءه بكل حنان ليحميهم من شرور المآسي الإنسانية التي تجتاح اليوم ظهر البسيطة.