عاد الوضع في اليمن إلى نقطة البداية بعد مؤشرات كانت توحي أن الأزمة السياسية والعسكرية فيه تسير بخطى حثيثة باتجاه انفراج وشيك.وكان لتراجع الرئيس عبد الله صالح عن موقفه المبدئي بخصوص المبادرة الخليجية لوضع الترتيبات الخاصة برحيله من السلطة ووقف حمام الدم الذي دخلته بلاده منذ اندلاع الأحداث في منتصف شهر فيفري الماضي بمثابة السبب المباشر في هذا التشاؤم الذي طبع الموقف من جديد. ففي قرار مفاجئ تراجع الرئيس اليمني عن موقفه الذي أبداه نهاية الأسبوع عندما رحب بالمبادرة الخليجية لعقد لقاء تفاوضي بينه وبين المعارضين له بمدينة الرياض السعودية لوضع الترتيبات الخاصة بانتقال سلس للسلطة في صنعاء وتمكينه من ضمانات ما بعد الرحيل. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي تحركت بمبادرة وساطة بين فرقاء الأزمة اليمنية كان من ابرز نقاطها تشكيل حكومة انتقالية تعود أغلبية حقائبها لتحالف أحزاب اللقاء المشترك الرافضة لوقف ثورة الشارع اليمني ما لم يرحل الرئيس عبد الله صالح عن كرسي السلطة في صنعاء. ولم يكتف الرئيس صالح بموقفه وذهب إلى حد اتهام جيرانه في مجلس التعاون الخليجي بالتآمر على نظامه والتدخل في شؤون بلاده الداخلية واتهم دولة قطر بالاسم القيام بدور في هذا الاتجاه، في إشارة واضحة إلى تصريحات الوزير الأول القطري الشيخ حمد بن جاسم آل الثاني الذي أكد أن المبادرة الخليجية تضمنت من بين أولى نقاطها انسحابا فوريا للرئيس عبد الله صالح من السلطة كبداية لإنهاء حالة الاحتقان السياسي التي يعيشها هذا البلد وأصبحت تنذر بحرب أهلية غير محسوبة العواقب وتسليم رئاسة الحكومة إلى نائبه عبد ربه منصور مع ضمانات بعدم ملاحقته أمام المحاكم اليمينية بتهمة تبديد الأموال وقتل المتظاهرين اليمنيين. وقال الرئيس صالح الذي فقد كل حلفائه الداعمين له بما فيهم الولاياتالمتحدةالأمريكية والعربية السعودية أمام حشد من أنصاره أمس أن الموقف الخليجي يعد تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لليمن لأننا نستمد قوتنا من قوة شعبنا وليس من قطر ولا من أية دولة أخرى''. ولكن الرئيس صالح لم يقفل الباب نهائيا أمام إمكانية رحيله قبل بداية العام القادم ولكنه اشترط أن يتم ذلك في الأطر الدستورية والقانونية''. وجاءت تصريحات الرئيس اليمني في نفس الوقت الذي تجددت فيه المواجهات الدامية بمدينة تعز في جنوب البلاد بمقتل متظاهرين اثنين وإصابة العشرات بجروح متفاوتة في منعرج آخر للأحداث في هذه المدنية التي شهدت اعنف المواجهات خلال الأيام الأخيرة وسجلت مقتل اكبر عدد من المحتجين.