اعتبر المحاضرون في ندوة المجاهد أن بيان أول نوفمبر بمثابة وثيقة إعلامية ثورية مهدت لانطلاقة فعلية لتقنيات التحرير على اعتبار أن صياغة بيان أول نوفمبر تم بأيدٍ صحفية محترفة ووفق مبادئ إعلامية محددة فتحت قنوات الاتصال بين القيادات الثورية والشعب الجزائري. كما أن البيان مهد لبناء صحافة الاستقلال. وجاء في شهادات المحاضرين أمس خلال ندوة المجاهد التي خصصت للصحافة إبان الاستعمار الفرنسي، أن الأسلوب الذي تم استعماله في صياغة بيان أول نوفمبر حمل الكثير من المبادئ الصحفية وتقنيات التحرير الصحفي التي يتم من خلالها مخاطبة الشعب الجزائري والمستعمر الغاشم وكذا الرأي العام الدولي بشكل مباشر، علما ان قادة الثورة أرادوا أن يتم تحرير البيان بشكل إعلامي ومدروس واستعانوا في ذلك بالمناضل الصحفي محمد العيشاوي. وحسب الدكتور والمجاهد حسان بومالي فقد خرج بيان أول نوفمبر ولأول مرة عن وسائل التواصل التقليدية التي كانت تستعمل آنذاك وهي المناشير التي تم الاعتماد عليها لتبليغ رسائل الأحزاب والحركات التحررية التي سبقت بيان نوفمبر، وعلى الرغم من عدم تمكن جبهة التحرير الوطني من إصدار صحيفة خاصة في بداية الثورة إلا أن اعتمادها على البيانات أعطى نتائج ايجابية خاصة وأن هذه الأخيرة كانت تتم صياغتها بطريقة خطابية تحمل الكثير من التوعية والتجنيد وفضح جرائم المستعمر. من جهته تطرق الأستاذ زهير احدادن إلى الواقع الإعلامي الحالي والذي لا يختلف مضمونه وشكله كثيرا عن الأسلوب الإعلامي الممارس إبان الاستعمار الفرنسي باستثناء أن الصحافة الحالية وبفضل الإمكانيات تصدر بشكل يومي في حين كانت الصحافة خلال الثورة تصدر بشكل دوري لعدم توفر الإمكانيات والضغط الكبير الممارس عليها من قبل المستعمر وعدم القدرة على مقاومة الإصدارات اليومية الفرنسية كما كان الحال بالنسبة لجريدة ''المنتخب'' التي صدرت سنة 1882 بقسنطينة. وغداة الاستقلال سجلت الساحة الإعلامية الجزائرية عددا من العناوين الصحفية الموروثة عن الاستعمار الفرنسي والتي كانت تتظاهر بالدفاع عن الشعب الجزائري رغم أن ملكيتها وطابعها ظل استعماريا محضا وذلك إلى غاية صدور أول سبتمبر 1962 تاريخ صدور أول جريدة يومية جزائرية باللغتين الفرنسية والعربية وهما ''الشعب'' و''لوبوبل''.. لتظل الصحف الجزائرية تتراوح بين حكومية وحزبية إلى أن جاء قانون التعددية الإعلامية الذي فتح الباب واسعا أمام صدور العشرات من العناوين الصحفية. وخلال تقييمه للتجربة الإعلامية الجزائرية. أشار الأستاذ زهير احدادن إلى عدم وجود فرق كبير بين الإعلام الحالي وإعلام الثورة الذي كان ذا طابع سياسي دعائي وهو حال الصحافة اليوم التي تدعي الاستقلالية والحياد لكنها في الواقع ذات اتجاه معين وهي حسب السيد احدادن تحرم قراءها من المعلومة الحقيقية من خلال عزوفها عن تغطية الحدث بشكل موضوعي.