أحيت مكتبة مالك بن نبي بالحمامات الذكرى السادسة والستين لمجازر الثامن الدامية بتنظيم ندوة تاريخية نشطها الوزير السابق العربي دماغ العتروس. وقد أكد الأستاذ العربي دماغ العتروس أن الإعداد لها كان مبيّتا من طرف المستوطنين الفرنسيين بعد أن ساءهم ظهور التكتل الوطني الذي بدأ يلوح داخل الحركات الوطنية حزب الشعب وأنصار البيان والحرية وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وتجلى التخطيط المسبق لمجازر الثامن ماي في أعمال الإبادة الجماعية التي استهدفت العزّل من المواطنين. وقال المتحدث ''انخرطت في حزب الشعب 1941 حين كنت مترجما في محكمة السمندو بواسطة المناضلين مسعود بوقدوم وعلاوة بوسلامة في 1943 طلبت من زيغود يوسف والطيب الثعالبي الانضمام إلى الحزب. وفي سياق الحديث، ينتقل إلى تأسيس حزب أنصار البيان والحرية من طرف جماعة من المناضلين بناء على أفكار محمد الأمين الدباغين وصياغة فرحات عباس؛ هذه الحركة كانت سندا وعونا لنا في الانتشار والنشاط في المدن والريف والمداشر الجزائرية''. وفي 1945 كان الشعب الجزائري واعيا مسيّسا، وعلى هذا الأساس قرّر قادة حزب الشعب المحظور المشاركة في عيد النصر على الفاشية والنازية بمظاهرات سلمية ولأول مرة يظهر فيها العلم الجزائري الحالي مخضّبا بدماء الشهيد بلحفاف في مظاهرات 8 ماي 1945 التي عمّت التراب الوطني، وكانت المجازر أكثر دموية في سطيف وقالمة وخراطة وغيرها من المدن . كما أشار الأستاذ دماغ العتروش إلى الاتفاقية السرية مع ألمانيا التي فضلت الاتفاق مع فرنسا بعد هزيمتها واحتلال باريس وتبعية حكومة فيشي لها، فكانت نكسة كبيرة لمن تدرّب في ألمانيا. كما عقد حزب الشعب المحظور وأنصار البيان والحرية وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين مؤتمرا في مارس 1945 وطالبوا بإعلان الاستقلال التام. وبمناسبة عيد العمال، خرج الجزائريون في مسيرات ضخمة بعثت الهلع والخوف في نفوس غلاة المعمّرين وارتعدت فرائسهم وفي الثامن ماي أحضرت فرنسا فرق الطابور المغربي والسينغال واللفيف الأجنبي والبحرية والطيران والمستوطنين الذين سلحوا خصيصا للقيام بالمجازر والتقتيل الجماعي والسلب والنهب. وفي 16 ماي اعتقلوني مع عائلات من السمندو وتعرضنا لشتى أنواع التعذيب، كما شغل الفرنسيون فرن الجير ''بهيليو بوليس'' وكانوا يحرقون الجزائريين فيه، وكان الفرنسيون يصطادون كل من يأتي في طريقهم ويأخذون حلي النساء والأقراط مصحوبة مع قطع لحم لابسيها - هذا ما كتبه قنصل الدانمارك- والزرابي والأثاث فأبيحت المدن أمامهم كما حدث في جوان ,1830 حيث قال الجنرال ديفال: ''قدمت لفرنسا هدنة لمدة عشر سنوات وبعدها فكروا'' كانت مجازر 8 ماي 1945 نقطة مؤلمة وأخرى مشرقة وأصبحت قضية الجزائر في العالم وأظهرت وحشية فرنسا الاستعمارية فقامت فرنسا بإنشاء لجنة تحقيق واستقصاءات لتغطية الفضيحة واعترفت بمقتل 1500 مواطن، وفي الجمعيتين التأسيسيتين الأولى والثانية لدراسة قانون العفو الذي دافع فيه الدكتور محمد الصالح بن جلول على الوطنيين وله الفضل في إطلاق سراحهم. وبعدها، جرت الانتخابات البلدية، فكانت لصالح الحركة الوطنية، لذلك فرنسا حضرت ''نيجلان'' الذي زوّر انتخابات .1947 ودعا المحاضر إلى تدريس الخطب الخمسة وخطاب الدكتور الأمين الدباغين في الجامعات والذي دافع فيه عن الإسلام في الجزائر، دفاعا مستميتا، وقد تعرّض إلى التعذيب الوحشي مع جمال دردور ومزغنة حتى التصقت قمصانهم باللحم. فمجازر الثامن ماي وما قبلها وما بعدها من المآسي والآلام بالنسبة للشعب والحركة الوطنية، مثّلت القاعدة الصلبة لانطلاق الثورة ثم توالت تعقيبات المجاهد عثمان سعدي والدبلوماسي صالح بلقبي والوزير الأسبق محمد كشود فأثرت الموضوع.