الأستاذ محمد العربي دماغ العتروس، من أهمّ الشخصيات التي لعبت دورا كبيرا في النضالين السياسي والثقافي، باعتباره أحد المثقفين الجزائريين المتمرسين في اللغتين العربية والفرنسية، ونظرا لأهمية هذه الشخصية النضالية الكبيرة، خصّص المجلس الأعلى للغة العربية حولها ندوة فكرية في إطار منبره "شخصية ومسار"، وقد صدرت هذه الندوة في دفتر من دفاتر المجلس مؤخرا تحت عنوان " الأستاذ محمد العربي دماغ العتروس خصال ونضال". نظّمت هذه الندوة الفكرية حول الأستاذ محمد العربي دماغ العتروس، في شهر أكتوبر من السنة الفارطة بفندق الأوراسي وصدر الدفتر هذه السنة، وممن تدخّلوا وأدلوا بشهاداتهم من الشخصيات التاريخية والثقافية، الدكتور محمد العربي ولد خليفة رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، والأستاذ الأمين بشيشي والمناضل الكبير الأستاذ عبد الحميد مهري والأستاذ صالح بن قبي والأستاذ الصحفي محمد عباس وسماحة الشيخ عبد الرحمن شيبان. الشهادات المسجّلة في حقّ الأستاذ محمد العربي دماغ العتروس، أكّدت بالإجماع على أهمية هذه الشخصية من الناحية النضالية السياسية والثقافية، حيث رأى الدكتور محمد العربي ولد خليفة، أنّ تقديم شخصية كشخصية محمد العربي دماغ العتروس ليس أمرا يسيرا، لأنّه كلّما توغّلنا في مسار حياته كلّما تبدت وظهرت لنا أشياء واكتشفنا دروسا ومواقف يعجز الإنسان العادي عن الإحاطة بها. أمّا الأستاذ الأمين بشيشي، فقد روى في شهادته لقاءه الأوّل بالأستاذ دماغ العتروس والذي يعود إلى سنة 1949م، ضمن وفد طلابي بإشراف الأستاذ عبد الحميد مهري، وكان من المجموعة المرحوم الدكتور مولود قاسم. ومن جانبه، روى الأستاذ امحمد الحاج يعلى قصة حدثت في زمن الاستعمار الفرنسي، مفادها "أنه كانت بالجزائر جمعية كتاب البحر الأبيض المتوسط، وكان أمينها العام أحد الكتاب الإيطاليين يكتب بالفرنسية، وذات يوم قال : إن الفرنسية هي وطني، فرد عليه الكاتب مالك حداد رحمه الله : الفرنسية منفاي ونحن منتوج استعماري سننتهي بانتهائه. ويضيف الحاج يعلى عرفت دماغ العتروس في 1947-1948، لكن عرفته أكثر خلال الثورة في القاهرة، وأنا مدين له كثيرا فقد عرفني بالوسط الثقافي هناك، وعرفني على الشاعر الكبير عبد المعطي حجازي، واستمرت مودتنا وتواصلنا إلى اليوم. الأستاذ عبد الحميد مهري هو الآخر زكى هذه الشخصية الفذة، وأرجع أول لقاء له مع الأستاذ العربي دماغ العتروس بعد حوادث ماي 1945 حينما قرر حزب الشعب الجزائري الخروج من النضال السري إلى النضال العلني، والترشح للانتخابات، وكنا في منطقة وادي الزناتي على مقربة من مدينة قالمة وأحداث الثامن ماي 1945ما تزال حاضرة، وإذا بنا نتلقى مكالمة من الأخ الحواس بو قادوم والأخ محمد العربي.. وبعد افتتاح الاجتماع طلب مني أن أرتقي المنصة والقي خطابا، وكانت أول خطبة سياسية علنية القيها في حياتي دون اعداد ولا استعداد، هذه من ذكريات اللقاء النضالي مع السيد محمد العربي دماغ العتروس. كل الشهادات التي سجلت في هذا الدفتر حول هذه الشخصية الفذة من أفواه وأقلام عرفت الرجل، وأخذت منه العطاء النضالي والثقافي، ما هي في الحقيقة إلى وثائق تاريخية تسجل في تاريخنا الذي سطره رجال الجزائر بدمائهم وأقلامهم وعرقهم، وتعد هذه الدفاتر التي دأب المجلس الأعلى للغة العربية على إصدارها، مساهمة من أجل الحفاظ على الذاكرة من خلال تكريم رجال الجزائر.