سيمكن اللقاء الذي سيجمع المؤسسات الجزائرية والمالطية يومي 19 و20 ماي الجاري بفاليتا من تحديد أطر التعاون الثنائي في سياق شراكة ''اوروميد'' المندرجة في إطار الاتحاد من أجل المتوسط تحت شعار ''تحرير القدرات''، حيث تنظم الوكالة المالطية ''ايكسبلورا انفست'' بالتنسيق مع المؤسسة المالطية المكلفة بالاستثمار والتنمية الصناعية لقاءات مسبوقة بين المتعاملين الاقتصاديين في مختلف القطاعات بين المؤسسات الأوروبية والمتوسطية يومي 18 و19 ماي. ويأتي لقاء المتعاملين الجزائريين في هذه التظاهرة في الوقت الذي ما يزال فيه التعاون الجزائري المالطي لا يرقى إلى التطلعات المنشودة، رغم الإرادة السياسية المعلنة من قبل قيادتي البلدين للمضي قدما بالعلاقات الثنائية. وكانت زيارة وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي إلى مالطا في فيفري ,2009 قد أفضت إلى استكمال اتفاقين ثنائيين حول ترقية الاستثمارات وعدم الازدواج الضريبي، إلى جانب إنشاء مجلس أعمال جزائري مالطي. كما سمحت زيارة الرئيس المالطي السيد إدوارد فينش أدمي إلى الجزائر في سبتمبر 2007 بإرساء مشاورات سياسية رفيعة المستوى بتحديد مجالات التعاون الثنائي وتزويد العلاقات الثنائية وفق إطار قانوني مستقر وكامل في المشاريع المتعددة، لا سيما في قطاعات الصناعة، الصيدلة والسياحة. وبلا شك، فإن اهتمام البلدين بتعزيز أفق التعاون وتوسيعه كرّسته عدة عوامل مساعدة تتمثل بالخصوص في القرب الجغرافي الذي يمنح إمكانيات حقيقية لإقامة تعاون متنوع، ومن ثمّ رفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين الذي ما يزال في مستوى متواضع بالرغم من أنه يشهد تقدما مطردا منذ سنة .2004 وباعتبارهما ينتميان إلى الفضاء المتوسطي، فقد برز اهتمام البلدين بتطوير التعاون شبه الإقليمي على ضوء الاتحاد من أجل المتوسط بمشاريع ملموسة كفيلة باستقطاب اهتمام عدد من البلدان الأعضاء في هذا التجمع الجهوي، وعلى هذا الأساس تندرج اللقاءات التي ستجمع المؤسسات الأوروبية والمتوسطية من أجل تشخيص المعوقات التي تحول دون تحقيق الانطلاقة الاقتصادية التي يركز عليها المشروع المتوسطي في أطار شراكة ''اوروميد''. ورغم الظروف التي تمر بها الضفة الجنوبية بسبب تداعيات ما يحدث داخل بعض الدول، إلا أن التفكير في استحداث إطار جديد لإرساء شراكة اقتصادية فعلية لم يمنع دول من الضفة الشمالية من تحريك الأمور، قناعة منها بأن تعزيز أشكال التعاون لن يتم إلا في إطار تكتل جهوي يأخذ في الحسبان العوامل المشتركة أبرزها التقارب الجغرافي و التاريخي بين الضفتين، بالإضافة إلى سلسلة الاتفاقات التجارية والاقتصادية التي تربط دول أوروبية ومغاربية في إطار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، حيث تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى الزيارة المنتظرة للمفوض الأوروبي المكلف بالتوسيع وسياسة الجوار التشيكي ستيفان فيلي إلى الجزائر، اليوم، لاستعراض حصيلة التعاون الثنائي مع الاتحاد الأوروبي الذي يعد الشريك التجاري الأول للجزائر. كما يمكن القول أن تخصيص يومين للقاء المؤسسات الجزائرية والمالطية في هذه التظاهرة يعكس ثقة المتعاملين الاقتصاديين المالطيين في أن معطيات الواقع الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر مختلفة عن غيرها رغم ما يحدث في دول مجاورة لها، قناعة منهم بأن التجربة التي عاشتها الجزائر خلال العشرية السوداء يستبعد أن تكرر نفسها، في الوقت الذي تبقى فيه مسألة مكافحة الإرهاب من أبرز انشغالات المشروع المتوسطي الذي يركز على تكريس الأمن والاستقرار في هذا الفضاء. وبلا شك، فإن الجزائر وبحكم تجربتها في مكافحة هذه الآفة العابرة للحدود تشكّل حليفا هاما للعديد من الدول المتوسطية التي أبدت إرادتها للاستفادة من التجربة الجزائرية في هذا المجال.