سقطت فلسطين جراء المؤامرات وقدرة الصهاينة على توظيف تزوير الحقائق وانتحالهم إرادة الرّب وابتزاز النصارى باسم العهد القديم، فكانت المؤامرة دينية متطرفة، روادها زعماء صهيون الذين زوّروا التاريخ وجعلوا من أكاذيبهم كلاما مقدسا اسمه أرض الميعاد. الزيف والتحريف التاريخي أصبح ثقافة مؤكدة في أذهان شذاذ الآفاق، وأصبح حلمهم الكاذب يعدهم بالعودة والإلتقاء مرة ثانية بأرض حرّمهم الله سبحانه وتعالى منها وطردهم لعصيانهم إياه. فلسطين أرض الأنبياء، كل الأنبياء، وأرض كنعان لم تكن في يوم من الأيام موطنا لليهود حتى وإن أسسوا دولتهم التي لم تكن دولة، وإنما كانت حلقة من حلقات النبوة، من عهد موسى وداود وسليمان. فلم يكن الأنبياء ملوكا ولم يؤسسوا دولا، ولو كان الأمر كذلك لأسس يوسف وموسى دولة لهما في مصر، حيث كان لهما من القدرة الدينية والدنيوية ما يوفر لهما ذلك ويحققه على أرض الواقع. فلسطين في يوم نكبتها، في يوم تهجير وتشريد شعبها وتقتيله من قبل الصهاينة الذين تم شحنهم من بلاد الغرب من وراء البحار، من أجل تحقيق أكاذيب صهيونية بأنها أرض ميعادهم. فلسطين، مهما تقادم سجنها ومهما شددوا عليها الحصار والحراسة بحاملات الطائرات والصواريخ الذكية والطائرات بدون طيارين، وأغرقوا الصهاينة بملايير الدولارات من أجل أن تظل فلسطين سجينة أكاذيب الصهاينة، ومن أجل أيضا تجريدها من محيطها العربي ونزع ما عليها من ملابس التاريخ، لتبقى عارية بلا هوية ولا لباس، إلا الأكاذيب التي تفنن الصهاينة في انتاجها وترويجها في وسائل الإعلام الغربية، ليتم التأمين عليها هناك. فلسطين التي حاول الصهاينة تغيير ملامحها وطمس تاريخها وآثارها والسطو على ثقافتها وتشريد شعبها، لن تتعرى من عروبتها لأن دماء الشهداء تكسوها بحمرتها القانية الغالية، وبدموع الأمهات والبيوت المنهارة والمحروقة والموصدة الأبواب، وبالحقول المجروفة وبالقدس، القدس التي يريدونها أن تتخلى على صلاتها، وأن يتخلى الأقصى عن جمعه وأعياده. الصهاينة باستطاعتهم تزوير التاريخ، تقويل الله مالم يقله، الإستعلاء في الأرض والإستقواء بالغرب، لكنهم لا يستطيعون تهجير الأرض وتكميم المآذن عن رفع كلمة الله أكبر، ولا تعقير الزيتون حتى لا يأتي زيتا مباركا. الشعب الفلسطيني، بدأ الحلم يتحقق من حوله وبدأت تباشير العودة تلوح في الأفق، لأن فلسطين لا يمكن أن تصلي خارج محيطها العربي، وأجراس الكنائس لا يمكن أن تقرع إلا إذا شد حبالها ساعد عربي، لأن فلسطين أرض عربية وأن الإحتلال زائل وأجراس العودة دقت.